.................................................................................................
______________________________________________________
عدول فلا يكون مأمورا به.
قلنا : أمّا الجواب عن الأوّل ، فإنّه وإن كانت النصوص خالية عن تعيين الجهة نطقا ، فإنّها غير خالية من التنبيه عليها ، إذ لم يثبت وجوب استقبال الجهة التي دلّت عليه العلائم وثبت الأمر بالتياسر بمعنى انه عن السمت المدلول عليه.
وعن الثاني : بالتفصّي عن إبانة الحكمة في التياسر ، فإنّه غير لازم في كلّ موضع ، بل غير ممكن في كلّ تكليف. ومن شأن الفقيه تلقّي الحكم مهما صحّ المستند.
أو نقول : إمّا أن يكون الأمر بالتياسر ثابتا ، وإمّا أن لا يكون. فإن كان لزم الامتثال تلقّيا عن صاحب الشرع ، وإن لم يعط العلّة الموجبة للتشريع. وإن لم يكن ثابتا ، فلا حكمة.
ويمكن أن نتكلّف إبانة الحكمة ، بأن نقول : لمّا كانت الحكمة متعلّقة باستقبال الحرم ، وكان المستقبل من أهل الآفاق قد يخرج من الاستناد إلى العلامات عن سمته ، بأن يكون منحرفا إلى اليمين ، وقدر الحرم يسير عن يمين الكعبة ، فلو اقتصر على ما يظنّ أنّه جهة الاستقبال أمكن أن يكون مائلا إلى جهة اليمين فيخرج عن الحرم ، وهو يظنّ استقباله. إذ محاذاة العلائم على الوجه المحرّر قد يخفى على المهندس الماهر ، فيكون التياسر يسيرا عن سمت العلائم مفضيا إلى سمت المحاذاة ، ويشهد لهذا التأويل ما روي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) وقد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار؟ فقال : ان الحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال ، وعن يمينها أربعة أميال ، فإذا انحرف ذات اليمين خرج عن حدّ القبلة ، وإن انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حدّ القبلة (١).
وهذا الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف.
__________________
(١) الفقيه : ج ١ ، ص ١٧٨ ، حديث ٢ ، باب ٤٢ القبلة. نقلا بالمضمون.