وصلّى الله على أكرم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين محمّد خاتم النبيين ، وعلى عترته الطاهرين ، وذريّته الأكرمين ، صلاة تقصم ظهور الملحدين ، وترغم أنوف الجاحدين.
______________________________________________________
والكمال ، وعلى آله المعصومين في الأقوال والأفعال ، الممنوحين بوجوب التسائل (١) صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأيّام والليالي.
وبعد : فإن أحقّ ما أنفق فيه العمر وصرف فيه الدهر ، تعلّم المعالم الدينيّة ، والإمعان في درك الأحكام الشرعيّة ، والغوص في تيّار بحارها ، والكشف لأستار أسرارها ، والاضطلاع باعبائها بقدر الطاقة البشريّة ، فهي أقوى أسباب السعادة الأبديّة ، وهي أعلى مراتب العلماء. كيف لا؟ وهي صناعة الأنبياء ، والمتكفّلة بإرشاد الدهماء (٢) وإصلاح الخصماء.
ولمّا اختصّت بهذا السرّ المصون ، حثّ عليها في الكتاب المكنون ، فقال الله تعالى :
ليتنبّه الغافلون ويهتمّ المهملون (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٣).
وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «لكلّ شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه» (٤).
__________________
(١) اى منحهم الله تعالى ، بأن ألزم عباده وأوجب عليهم من الرجوع إليهم والسؤال عنهم ، فقال تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) سورة النحل : ٤٣.
(٢) الدهم : العدد الكثير كما في النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ١٤٥ ، وفي هامش بعض النسخ الخلق الكثير.
(٣) سورة التوبة : ١٢٢.
(٤) كنوز الحقائق للمناوى على هامش الجامع الصغير : ج ٢ ، ص ٦٩ ، حرف اللام ، نقلا عن الطبراني ، ورآه في البحار : ج ١ ، باب ٦ ، ص ٢١٦ ، حديث ٣٠ ، كتاب العلم ، نقلا عن عوالي اللئالي.