كثّر الله أمثالهم ككتابنا هذا (المهذب البارع) ، وغيره التي لا تعدّ بالأنامل. كما يأتي ذكرها قريبا إن شاء الله تعالى.
ولقد نقل المجلسي (قدّس سرّه) في مقدّمة بحار الأنوار بأنّه يروى : إنه (قدّس سرّه) رأى في الطيف أمير المؤمنين صلوات الله عليه آخذا بيد السيد المرتضى رضي الله عنه ، في الروضة المطهرة الغرويّة يتماشيان ، وثيابهما من الحرير الأخضر ، فتقدّم الشيخ أحمد بن فهد وسلّم عليهما ، فأجاباه ، فقال السيد له : أهلا بناصرنا أهل البيت ، ثمَّ سأله السيد عن تصانيفه؟ فلما ذكرها له ، قال السيد : صنّف كتابا مشتملا على تحرير المسائل وتسهيل الطرق والدلائل ، واجعل مفتتح ذلك الكتاب :
«بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله المتقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات» فلمّا انتبه الشيخ شرع في تصنيف كتاب التحرير ، وافتتحه بما ذكره السيد انتهى (١).
أضف إلى ذلك ما يختص بكتابه ما يوجد في غيره من الكتب الفقهيّة الاستدلاليّة كرسالة القبلة التي وقع البحث فيها بين المحقّق والخواجة نصير الدين روّح الله أرواحهما وقدّس الله أسرارهما.
وإذا غاص الباحث في بحر الأخبار نشاهد الدّقة والمتانة في ضبطه ونقله للأحاديث وانفراده لبعضها ، اعتمدها أئمة الحديث في مصنّفاتهم ، كالأخبار الواردة في النيروز وأعماله.
وانفراده برواية أحاديث شريفة رواها عن أئمّة الهدى نقلت مختصرة في مراجع الحديث المعتبرة.
هذا وكما لو أمعنّا النظر إلى مصنّفاته (قدّس سرّه) في الدعاء ككتاب عدّة الداعي ، ونجاح الساعي ، وكتاب الفصول في الدعوات ، وكتاب الأدعية والختوم وغيرها ، نراها في الذروة العليا في الإسناد ، مقتديا بمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، حيث كان صلوات الله عليه رجلا دعّاء (كما في الخبر) ، فكانت فيض دعواته لها
__________________
(١) بحار الأنوار : المقدمة ، ص ٢٣٣.