.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة لا بد من التأمل التام فإنه قد يحصل لي شك في حصول طهارة البدن والثوب وغيرهما من النّجاسة بالماء المغصوب ، فان المعلوم كونه مطهرا ، هو ما أذن الشارع في التطهير ، كتردد بعضهم في حصولها بالمسح بالمحرّم ، مثل الخبز والتربة الشريفة وغيرهما : بل ظاهر الشرائع عدم حصول الطهارة بالعظم والرّوث والمطعوم. مع أنّ الظن هنا حاصل بأنّ الغرض من التطهير إزالة الأثر على أي وجه كان ، مع ورود الأدلة العامة المفيدة لكون الماء مطلقا مطهرا وكذا في حصول الذكاة بالسكّين المغصوب أو في المكان المغصوب وغيرهما ، فينبغي الاحتياط. ولي في تحقيق هذا المعنى بعض التعليقات على العضدي ، لعله ينفع لمن تأمله ، وقد أشرنا إلى حقيقة الأمر فإنّ المدار على فهم المنافاة وعدمه. فلا بد في كل جزئي من معرفة الأصل ، ومنع ما يدل على الفهم ، وما يدل على حصول الأثر ، وما يفهم من النهي الوارد في تلك الصورة ، فتأمل والله المعين.
وفي شمول «وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ» (١) الطرف الآخر إذا لم يكن عليه حراما (٢) تأمل. ولهذا جوّزوا البيع لآلات اللهو والقمار مع العلم بأنّه يصنعها ولا يشتريها الا لذلك ، وكذلك العنب لمن يعمله خمرا ، وفي الفرق تأمل ، نعم الظاهر انها تتحقّق مع قصدها ويكون أصل فعله موقوفا عليه ، مثل إعطاء العصا للظالم ليضرب ، والقلم ليكتب ، مع أنه هو فعل ، قد لا يقصد ولا يتوقف عليه فعله ، نعم لا يترتّب عليه الأثر والتحريم الا معه ، ولكن من غير دخل له في صدور ما يمكن صدوره عنه ، لكونه معاونا في مثل هذه تأمل واضح ، ومثل أن حصل منه الإيجاب بقوله للمخاطب بعتك هذا بكذا ، فيقول هو اشتريت وما حصل منه ما يبعثه على إنشاء الحرام ، نعم لو لم يكن القبول منه لم يتمّ المحرّم منه ، على أنّ فيه تأملا ، لبعد صدور الفعل مباحا ثم يصير حراما من غير دخل للفاعل له وصدور جميع ما أمكن منه : فيحتمل التحريم في حقّه بمجرد هذا القول بقصده البيع مع التّوقع ، نعم قد يكون معاونا مثل أن يبعث وابتدء به ، فتأمل فيه ، فإنك قد علمت ترددى في أكثر
__________________
(١) المائدة : ٢
(٢) إشارة إلى فرض كون أحد المتبايعين واجبا عليه صلاة الجمعة دون الآخر ، كما نقلناه آنفا عن الروض.