ويوجد في قلب المدينة مسجد كبير جدا ، مشيّد بفخامة من الحجر والكلس. وهو قديم تمّ بناؤه في العصر الذي كانت البلاد فيه خاضعة لسلطة ملوك مراكش. ويقوم في وسط الجامع خزان مياه كبير (٩). ويقوم على خدمة هذا الجامع عدة ائمة ومستخدمين. وثم كذلك عدة معابد بين جامع مصلّى ، ولكنها صغيرة ، ومع هذا فهي جيدة البناء والخدمة.
وفي المدينة مائة بيت من اليهود ، وهم لا يدفعون الضريبة العادية (١٠) ، بل من عادتهم أن يقدموا بعض الهدايا للوجهاء الذين يبسطون عليهم حمايتهم واكثرية السكان من اليهود. وهؤلاء هم الذين يملكون دار سكّ العملة ويضربون لسكان المدينة قطع نقود فضية ، ويصنعون من كل «أونس Once» من الفضة (١١) مقدار مائة وستين دانقا صغيرا ، تشبه عملة الهيللر الهنغارية ، ولكن لها شكل مربع (١٢). ولا توجد في هذه المدينة ضريبة على المعاملات التجارية (١٣) ، ولا ضريبة مكس ، ولا أية جباية أخرى. وإذا اضطرت المدينة لبعض النفقات فإن الوجهاء يجتمعون ويتوزعون هذه النفقات فيما بينهم ، كل حسب وسائله الخاصة.
ولقد تخربت تدنست عام ٩١٨ من هجرة الرسول (١٤) ، وغادرها بعض سكانها إلى الجبل والبعض الآخر إلى مراكش ، لأن جيرانهم العرب تفاهموا مع نائب ملك البرتغال الذي كان يقيم في آسفي. وكان العرب يرغبون في تسليم هذه المدينة للنصارى. ولهذا غادرها سكانها برمتهم بعد أن اتفقوا على ذلك جميعا. ورأى كاتب هذه الأسطر «تدنست» بعد خرابها. وكان سور المدينة بأجمعه منهارا ، وكذلك المنازل ، ولم تكن المدينة مأهولة بغير الغربان والبوم ، وكان ذلك في العام ٩٢٠ ه (١٥).
__________________
(٩) خزان ماء مكشوف أو بركة.
(١٠) أي الجزية.
(١١) أي ٥٩ ، ٣٠ غرام.
(١٢) أي واحد من مائة من القرش الفضي. وإذا كان الأونس الإيطالي الذي يزن ٢٥ ، ٢٨ غراما معادلا للأونس المغربي فمعنى ذلك أن هذا «الدانق» كان يزن ١٧٦ ميليغرام من الفضة.
(١٣) أي رسوم على الصفقات التجارية.
(١٤) أي بين ١٩ / ٣ / ١٥١١ إلى ٨ / ٣ / ١٥١٣ م.
(١٥) لا تذكر الوثائق البرتغالية أي إشارة لهجر تدنست أو عن خرابها التام. وكل ما نعلمه عنها أن حاكم آسفي ، واسمه نونو فرناندز دو آتيد ، استطاع بالتحالف مع شيخ العرب المنحاز للبرتغاليين ، وهو يحيى أو تعفوفت ، أن يلحق هزيمة منكرة ـ