لأننا لا نقرأ في أي مكان أن فرعون والمصريين حكموا هذه المنطقة مطلقا. ولكن هذا الظن السخيف نتج عن كتاب معنون في لغة البلاد «كتاب نبوءات محمد» ألفه المدعو الكلبي (٢٦٤). ويزعم هذا الكتاب بأنه يروى عن محمد صلّى الله عليه وسلّم أن هناك أربعة ملوك حكموا العالم قاطبة ، منهما أثنان مؤمنان واثنان كافران : فالمؤمنان كانا اسكندر الكبير وسليمان بن داوود ، والكافران هما نمرود وفرعون موسى. أما بالنسبة لي ، فإن وجود بعض الحروف اللاتينية التي تقرأ على الجدران أعطتني اليقين المطلق بأن الرومان هم الذين بنوها. ويمر من حولها نهران صغيران ، أحدهما من جانب والآخر من الجانب الآخر من المدينة ، وكل الشعاب والتلال المحيطة بها مزروعة بالزيتون. وعلى مسافة ليست بعيدة عنها تقوم غابة تضم أعدادا كبيرة من الأسود ومن الفهود.
الحجر الأحمر (٢٦٥)
الحجر الأحمر مدينة واقعة على خاصرة هذا الجبل ، وقد بنيت أيام الرومان. وهي صغيرة وقريبة جدا من الغابة ، حتى أن الأسود تأتيها وتأكل العظام التي تعثر عليها فيها.
وقد ألف السكان كثيرا رؤية هذه الأسود حتى إن النساء والأولاد لا يخشونها. وجدران المدينة عالية ومبنية بحجارة ضخمة ، ولكنها متهدمة في معظمها. وأصبحت هذه المدينة الآن نوعا من قرية أو مدشر. وتكثر في أرضها المزروعة أشجار الزيتون والحبوب ، لأنها قريبة من أزغار.
مغيلة
مغيلة مدينة صغيرة قديمة ، بناها الرومان أيضا على نتوء هذا الجبل من الجانب الذي
__________________
(٢٦٤) ابن عمار الكلبي المتوفي سنة ٨٠٩ م.
(٢٦٥) مدينة غير معروفة الآن ـ وقد ذهب الرحالة مرمول Marmol إلى وجود أطلالها وأعطاها اسم «الدار الحمراء» ويحدد مكانها بالقرب من سوق الأربعاء التابع لخيبرKhaiber. ولكن لا يوجد أي أثر لمدينة الدار الحمراء ولا لسوق الأربعاء. وأما «خيبر» فليس في الحقيقة إلا اسما لواحد من الحيين اللذين تضمهما مدينة «مولاي إدريس» وأما الأطلال الرومانية المشار إليها فليست في الحقيقة إلا أطلالا لبلدة قديمة هي توكولوزيدTocolosidal وهي ممر «ملالي» (ممرين جبليين) على الطريق من مكناس إلى فولوبيليس VOLUBILIS ، وعلى مقربة منها يوجد كذلك موضع يسمى روئبات السبع Rouibates ـ Sabu (أي غابة الأسود).