القضاة وأساليب إدارة العدالة والفصل فيها وطراز اللباس (*)
لا تحوي فاس سوى بعض صغار الضباط الوزاريين وبعض القضاة القائمين على شئون العدالة. وللحاكم صلاحية البت في القضايا المدنية والجنائية. وهناك قاض مكلف بتطبيق الأحكام الشرعية أي الأحكام المستمدة من الكتب الفقهية الإسلامية. وهناك قاض آخر ، وهو إلى حد ما عبارة عن نائب للقاضي ، يهتم بمسائل الزواج والطلاق وكذلك بالتثبت من أقوال الشهود ، غير أنه مؤهل أيضا للاطلاع على كل القضايا المتعلقة بهذه الأحكام ، ثم يأتي المحامي العمومي الذي يؤخذ رأيه في المسائل القانونية التي يجري استئنافها أمام القضاء ، وفي القضايا التي يكون القضاة قد أخطأوا في إصدار أحكامها ، أو يكونون قد أصدروا أحكامهم فيها بناء على رأي ضعيف منسوب لفقيه لا يرقى إلى مستوى كبار الفقهاء.
ويستفيد الحاكم من مبالغ هامة للغاية بسبب الغرامات التي تفرض في القضايا. وربما كانت أشد عقوبة مفروضة على المتهم هي الجلد بحضرة الحاكم ، وتتألف من مائة أو مائتي سوط أو أكثر. ويقوم السياف بعد الجلد بوضع سلسلة في عنق المجرم ويطوف به في المدينة عاريا إلا ما يستر عورته التي تكون مغطاة بسروال قصير. ويرافقه مفوض الشرطة ، في حين لا يكف الجلاد عن الإعلان عن نوع الذنب الذي اقترفه المجرم. ثم يعيد إليه ثيابه ويقوده للسجن. وقد يحدث أن يعرض عدة محكومين مصفوفين سوية على الجمهور في الشارع ، ويتقاضى الحاكم دينارا ونصف عن كل محكوم. وفضلا عن ذلك له الحق أن يتقاضى عن كل سجين رسما معينا يدفع له بشكل خاص من قبل بعض الباعة والصناع المعينين لهذه الغاية. ومن بين العوائد التي ينالها الحاكم إيراد جبل يستمد منه مبلغ ألف دينار في السنة ، ولكن عليه لقاء ذلك أن يقدم ثلاثمائة فارس للملك في حالة الحرب ، وعليه يقع عبء معيشة هؤلاء ما دامت الحرب قائمة.
أما حكام القضاء الشرعي فلا يتقاضون أي أجر او تعويض لأن هذا محظور في شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم إذ لا يحق للقاضي ان ينال أي مرتب كان لقاء قيامه بهذا الواجب.
ولكنهم يعيشون من موارد أخرى ، فهم أساتذة أو أئمة في بعض الجوامع. وكذلك الحال بالنسبة للمحامين والوكلاء الذين هم أشخاص جهلة وتافهون. ولدى الحكام مكان