في ايطاليا ، وعلى الأخص بعد عودته الى تونس. فالمعروف ان ولادته كانت سنة ٨٩٤ ه ، وأنه سقط بالأسر عام ١٥١٨ م (٩٢٦ ه) ، وكان عمره حينذاك في حدود الثلاثين سنة ، وأنه صنّف كتابه «وصف إفريقيا» لقرائه الطليان سنة ١٥٢٦ م ، أي بعد ثمانية أعوام من الإقامة في ايطاليا ، درس خلالها الايطالية واللاتينية ، وقرأ كتاب بلين المؤرخ الروماني الشهير ، وألمّ بالثقافة الاوروبية التي كانت تتمخض عن «عصر النهضة» ، ويبدو ان تعلّمه الايطاليه واللاتينية لم يكن عسيرا عليه ، إذ يرى كراتشكوفسكي أنه كان يعرف اللغة الاسبانية التي كانت بالنسبة له لغة مفهومة ، لأنه امضى طفولته في غرناطة التي نزح عنها بعد سقوطها بأيدي الملكين الكاثوليكيين سنة ١٤٩٢ م.
هذا وتشير أكثر المصادر التي أوردناها إلى أنه استطاع الإفلات من ايطاليا ، رغم عتقه ، بين عامي ١٥٢٨ و ١٥٣٠ قاصدا تونس ، بعد إقامة في الغربة لم تتجاوز عشرة أو اثني عشر عاما. ويدعم هذه الرواية كاتب معاصر أسمه فيد ما تشتات الذي يقول أن الوزان مات في تونس سنة ٩٤٤ ه ، وعمره خمسون عاما. ويقول آلدوميالي : «إن إقامة الحسن الوزان بمعزل عن محيطه الأصلي كانت بلا ريب ثقيلة على نفسه ، والواقع انه عاد الى تونس سنة ١٥٥٠ م ليحظى بالوفاة في ارض الاسلام المقدسة وفي حمى دينه الحقيقي ، ونفتقد آثاره منذ ذلك الحين ، ويبدو أننا لن نعرف تاريخ وفاته» ترجمة الدوميالي ص ٥٣٣ ، مما يدل على أن إقامته في ايطاليا امتدت على فترة تناهز اثنين وثلاثين عاما ، أي عاد الى تونس وعمره ٦٤ سنة تقريبا.
ويقول كراتشكوفسكي ... وعقب فراغه ـ من تأليف كتابه ـ بقليل ، وربما كان ذلك في عام ١٥٢٨ ، تمكن بطريقة ما من الإفلات راجعا الى افريقية وما لبث ان اطرح المسيحية الى دينه القديم. وقد توفي الوزان ، على ما يبدو ، في تونس في عهد آخر ملوك بني حفص ، وذلك عام ١٥٥٢» عن عمر يناهز الستين عاما. ويرى البعض من الباحثين ان الكرادلة الطليان من اصدقائه أرسلوا وفدا لإقناعه بالعودة الى ايطاليا ولكن دونما طائل ، في حين يرى بعضهم انه لم يغادر ايطاليا وظل يدرّس اللغة العربية فيها حتى اواخر ايام حياته.
* * *
والواقع لقد كانت حياته العلمية في ايطاليا خصيبة للغاية. ففي عام ٩٣٠ ه /