منطقة افريقية حتى جوار تونس ذاتها ، مما ادى بصورة مباشرة لرهن دول المغرب ، وبالتالي لتمهيد السبيل امام الاسبان والبرتغاليين لانتزاع بقاع عديدة من اقطار المغرب العربي مثل طرابلس وبجاية ودهران وآزمور وآسفي ، وحيث لا تزال بعض المواقع في ايديهم حتى كتابة هذه الاسطر ولا سيما مدينتي سبتة ومليلة ، ولولا ان قيض الله العثمانيين الذين تصدوا لهؤلاء النصارى وأبلوا البلاء الحسن لكان تاريخ المغرب غيره اليوم. ولكن الوزان لا يضمر ازدراءه للصوفيين ولأصحاب المذاهب المنشقة ، وما أدخلوه على الاسلام من ترهات وبدع كانت نتائجها اللااخلاقية وخيمة على المجتمع ، مثلما لو يضنى بسخريته اللاذعة على المشعوذين والعرافين والسحرة وكثيرا ما يعف قلمه عن فضح الكثير من تفاصيل حياتهم استحياء من ناحية وتحاشيا لسأم القارىء من جهة اخرى.
والخلاصة يتميز كتاب الوزان بروح نقدية وبأسلوب نستشف فيه تأثير التلاقح الثقافي الخصيب مما يضفي على مصنفه طابعا ذا اصالة يشد القارىء اليه مثلما يجد فيه الجغرافي والمؤرخ مصدرا غنيا بالمعلومات فضلا عن أن ترجمته عن الايطالية وشرحه والتعليق عليه تعتبر جميعا مدرسة قائمة بذاتها تشهد على بروز روح البحث العلمي وحب الاستقصاء.
|
د. عبد الرحمن حميدة |