(إبريل). ويحوي هذا السمك من الدهن اكثر مما يحوي من اللحم ، ولذلك تكفي كمية زهيدة من الزيت لقليه ، فما أن تمس حرارة النار سمكة من هذا النوع ، حتى تفرز اكثر من رطل ونصف من الدهن. ويشبه هذا الدهن الزيت ، ولذلك يوقد منه في السراجات لأن المنطقة تفتقر للزيت. ويأتي التجار البرتغاليون كل سنة لشراء كمية كبيرة من هذا السمك. وهم الذين يدفعون رسم الصيد ، حتى بلغ بهم الأمر انهم اقنعوا ملك البرتغال باحتلال هذه المدينة. فأرسل أسطولا مؤلفا من بضع سفن. ولكن لما كان قبطانه قليل الخبرة ، فقد انهزم الاسطول وأغرقت معظم مراكبه (٢٥٩)
وبعد عامين ، أرسل الملك اسطولا آخر قوامه مائتا قطعة حربية (٢٦٠). وعند ما رأى السكان ذلك انهارت قواهم المعنوية ، ولجأوا الى الهرب في ذعر كبير وتدافع بالغ أدى إلى هلاك أكثر من ثمانين شخصا اختناقا عند أبواب المدينة من كثرة زحام الجمهور. أما الأمير البائس الذي جاء لنجدة المدينة فلم يعرف كيف ينجو بنفسه سوى أن يلجأ للنزول بواسطة حبل من أعلى السور. وتراكض الناس في كل اتجاه في المدينة. بعضهم حفاة وبعضهم على خيول. وكان من المحزن رؤية الأولاد والكهول والنساء والفتيات ، حفاة ، شعثا ، يركضون في كل مكان بدون أن يعرفوا أين يختبئون. ولكن قبل أن تنشب المعركة مع النصارى عمد اليهود ـ الذين كانوا قد عقدوا قبل قليل إتفاقا مع ملك البرتغال لتسليمه المدينة بشرط أن لا يمسّوا بأي أذى ـ عمدوا إلى فتح الأبواب برضى الجميع. وهكذا احتل النصارى آزمور ، (٢٦١) وذهب السكان ليقطنوا في سلا وسكن قسم آخر
__________________
(٢٥٩) لقد اعترفت آزمور بالحماية البرتغالية منذ سنة ١٤٨٦ م ولكن يبدو ان الاتفاقيات المتعلقة بها قد ألغيت في ١٥٠٢ م وأدى تعاقب الأحداث الى تدخل البرتغاليين المسلّح. وفي ١٢ آب (أغسطس) ١٥٠٨ م ظهر اسطول تجاه آزمور مؤلف من خمسة وسبعين قطعة ، وتم إنزال الفين وخمسمائة رجل الى البر. ولكنهم لقوا مقاومة ضارية قسرتهم على العودة الى سفنهم على عجل ، ولم ينج من سفنهم إلا بضع سفن واحرقت سفينة خفيفة في النهر وكان هذا الاسطول بقيادة دوم جاوو دومينيسيس ، الذي مات في اثناء حكمه لمدينة آزمور في ١٥ ايار (مايو) ١٥١٤ م.
(٢٦٠) كانت هذه الحملة بقيادة دوق دو براجانس وكانت تضم خمسمائة سفينة وأنزلت بتاريخ الاثنين ٢٩ آب (اغسطس) ١٥١٣ م في الجديدة (مازاغان) التي لم تكن حينذاك أكثر من مرسى ، حملة قوامها ألفا فارس وثلاثة عشر الفا من المشاة.
(٢٦١) عسكرت القوات البرتغالية امام آزمور يوم الخميس الأول من ايلول (سبتمبر) ، بينما دخل قسم من الأسطول في النهر. وفي صبيحة الجمعة قذفت المدينة بالمدفعية مما أدى إلى فزع السكان الذين جلوا عن المدينة ليلا. أما الأمير المقصود فقد كان مولاي زيان ، ابن عم ملك فاس ، الذي كان حاكما على مكناس والشاوية سابقا ، والذي سبق له ان ثار ضد الملك ، والتجأ الى البرتغال أولا ، ثم في آزمور ، حيث لعب على الحبلين. وفي ١٥١٤ م انتهى به الأمر للتصالح مع ملك فاس بصورة رسمية. وسنرى في القسم الثالث ذكرا لهذا الصلح. ولم يسلم اليهود المدينة ولكن كان هناك يهودي ذهب لإخبار ـ