مأهولة بسكان كثر أغنياء. وفيها قرابة مائتي بيت من اليهود ، وكلهم باعة وصناع. ويقصدها عدد كبير من الباعة الغرباء ليشتروا منها نوعا من عباءات سوداء تنسج قطعة واحدة مع قبعتها ، ويدعى هذا الكساء البرنس. ويباع بعض هذه العباءات في ايطاليا وفي أسبانيا حيث نرى الكثير منها. ويباع في تفزه أشياء مصنوعة في فاس على الخصوص كالأقمشة الكتانية ، والسكاكين ، والسيوف ، والسروج ، واللجامات ، والقلانس ، والإبر وأدوات الخياطة. وإذا رغب التجار في بيعها بالمبادلة ، فإنهم سيجدون تصريفا ميسورا أمامها ، لأن لدى أهل المنطقة بضائع مختلفة كالدقيق ، والخيول ، والبرانس ، والنيلة ، والجلد ، والجلود المصنوعة ، أي القرطبية. الخ. وإذا أرادوا بيعها نقدا فيجب عليهم أن يقبلوا تخفيضا كبيرا في الأسعار. ويجري الدفع بالذهب ، وذلك على شكل قطع على صورة الدنانير ولكن غير مسكوكة. أما العملة الفضية فليست دارجة في هذه البقاع.
ويلبس سكان تفزه لباسا جيدا ، وكذلك نساؤهم. وكل هذه النسوة لطيفات. ويوجد فى المدينة عدة جوامع وفقهاء وقضاة.
وكانت تفزه تحكم في الماضي على شكل جمهورية. ولكن نظرا لنزاعاتهم وانقساماتهم فقد راح الناس يقتتلون فيما بينهم ، وذهب زعماء أحد الأحزاب (الذين (أخرجوا من ديارهم) في ايامي ، قاصدين فاس ، وطلبوا إلى الملك أن يتفضل بمساعدتهم للعودة إلى مدينتهم ، وتكفلوا له بالعمل على توطيد سيادته عليها. فاهتبل الملك هذه الفرصة السانحة وأعطاهم ألفين من الخيالة الخفيفة ، وخمسمائة من رماة السهام ومائتين من رماة البنادق ، وكلهم فرسان. وكتب إلى أتباعه من العرب ، واسمهم عشيرة «زهير» التي تستطيع أن تعد أربعة آلاف فارس (٣٢٢) بأن يأتوا لمساندة زعماء هذا الحزب إذا احتاجوا لمساعدتهم. وعين الملك قائدا لهذه الحملة ، وهو الزرناقي ، وكان فارسا باسلا جدا. وما إن جمع القائد قواته ، حتى ابتدأ الهجوم على تفزه ، لأنه وجد الحزب المعادي متحصنا في المدينة ووجد أنه قد استدعى جيرانه العرب الذين يدعون بني جابر (٣٢٣) والذين يبلغ عدد عم حوالي خمسة آلاف فارس. فما أن رأى القائد هذا الوضع حتى رفع الحصار حالا عن المدينة ودخل في عراك مع العرب. وفي نهاية اليوم الثالث ألحق الهزيمة بهم جميعا
__________________
(٣٢٢) كانت قبيلة زهير تحتل حينذا منطقة تيغريغره.
(٣٢٣) بنو جابر قبيلة عربية لا زال باقيا فخذ واحد منها وهم الأوريجي (ماسينيون ، ١٩٠٦ م ، ص ٢٠٩).