ـ كيف نستطيع سحب مبلغ آخر من المال من هؤلاء الخونة دون ان نتهم بالخطأ وبفضيحة النكوص بوعدنا؟ وحينئذ تصور كاتب هذه السطور (٣٢٤) خدعة فاقترح قائلا :
ـ سيدي القائد ، تظاهر غدا صباحا بأنك استلمت خطابا من الملك يأمر فيها بقطع رؤوس هؤلاء الناس ، ولكن تظاهر حينئذ بأنك مشفق عليهم وبأنك لا تود ارتكاب خطأ إعدامهم وقل لهم بأنك ترجح ، في مثل هذه الظروف ، إرسالهم إلى فاس.
وفي الصباح كتبنا رسالة مزعومة بأنها من يد الملك ، ثم استدعى القائد جميع السجناء ، وكان عددهم اثنين وأربعين وقال لهم ، وكانت ملامح الحنان المفرط بادية عليه :
سادتي الوجهاء ، وصلني كتاب من الملك يحمل لي خبرا سيئا وظهر لي أنه قد أسيء نقل الخبر لجنابه ، بشأن ما ارتكبتموه وأنه يعتبركم عصاة لتاجه ، ولهذا السبب امرني بقطع رؤوسكم. وإني على هذا الأمر لحزين لأن كل الناس سيظنون أني حنثت بوعدي ، ولكني لست أكثر من خادم ولا أستطيع إلا طاعة ما أؤمر به.
وحينئذ أخذ هؤلاء يجهشون بالبكاء طالبين عفو القائد الذي افتعل بدوره البكاء وقال لهم :
ـ لا أرى شيئا أفضل لكم ولي كي أتخلص من كل المسئوليات ، تجاه أعمالكم ، سوى سوقكم الى فاس ، وربما صفح الملك عنكم وسيعمل ما يراه مناسبا ، وسأعمل على تسفيركم بعد قليل مع مائة فارس.
وهنا راح المساجين ينتحبون واستغاثوا بالله وبالقائد. وهنا ظهر شخص ثالث وقال للقائد :
ـ مولاي ، لقد أرسلك الملك الى هنا نيابة عنه ، إذ يمكنك عمل ما تراه هو الأنسب ، تريث قليلا لترى ما هي إمكانيات هؤلاء الوجهاء فيما إذا كانوا يستطيعون دفع شيء من المال لإنقاذ حياتهم. واخبر الملك بأنك أعطيتهم عهدا بأنك لن تعاقبهم ، وتقدم بالرجاء لجلالته ، كرامة لمكانتك عنده كي يتكرم بالصفح عنهم. وربما يميل الملك لجانب الحل المالي.
__________________
(٣٢٤) لا تنسب ترجمة تامبورال (ليون) ١٥٥٦ م ص ١٠٥) هذه الخديعة الى الحسن الوزان ، ولكن الى ... «أحد مستشاريه».