الدين بربروس (١٣). وفي النصف الثاني من شهر أيلول (سبتمبر) اضطر عروج للالتجاء إلى مدينة جيجل الجزائرية ، وتابع الحسن رحلته باتجاه تونس مارا بمسيلة في منطقة الحضنة الجزائرية. ويقول لنا أنه بلغ تونس مع جوادين فقط وعانى صعوبة في الحصول على الشعير اللازم لهما ، وهذا يدل على ضعف تجهيزاته كسفير. وعند وصوله إلى تونس لم يجد السلطان فيها ، لأنه كان قد غادرها في رحلة إلى الجنوب ، واتصل بالقصر الملكي ولكن يبدو أنه لم يحظ بمقابلة الملك أبي عبد الله محمد ، لأنه لا يذكره بخير كثير ، ولكن من المؤكد أنه استطاع أن يجمع خلال وجوده في حاشية الملك كمية من المعلومات عن بلاد نوميديا التونسية ، والتي قدم عنها تفاسير غير واضحة. ومن المحتمل أن يكون قد تابع رحلته حتى مدينة قفصة وقابس ، وهما آخر مدينتين تونسيتين يظهر أنه رآهما رأي العين.
هذا ولا نعرف شيئا عن المكان الذي أبحر منه الحسن قاصدا القسطنطينية ، ولا تاريخ سفره ولا عن إقامته في المشرق ، اللهم إلا وجوده في مصر في شهر حزيران (يونيو) ١٥١٧ (١٤) ، في مدينة رشيد ، في نفس الوقت الذي كان فيه السلطان سليم العثماني في هذه المدينة. وقد أدى فريضة الحج في أثناء إقامته في المشرق ، وعاد من مصر إلى المغرب بحرا وتوقف في طرابلس سنة ١٥١٨ (١٥) (ونلاحظ أنه هنا قد استعمل التأريخ الميلادي لأول مرة). ويغلب على الظن أنه سقط في الأسر خلال توقف سفينته في جزيرة جربة على يد القرصان الصقلي بيتر وبوفا ديغليا واقتيد إلى إيطاليا ، حيث قدم هدية للبابا ليون العاشر (١٦) ؛ واسمه جان دوميديسيس ، وحظى بكرم الوفادة لدى هذا الحبر الشهير ،
__________________
(١٣) استشهد عروج هذا في معركة مع الأسبان قرب تلمسان سنة ١٥١٨ م ، أما خير الدين فكان قائد أسطول السلطان سليمان العثماني ، وقد حصن مدينة الجزائر ، وكسر أمير البحر الايطالي آندر يادوريا في خليج آمبراس على الساحل اليوناني ، وزار مرسيليا على رأس أسطوله كصديق للملك الفرنسي فرانسوا الأول ، وتوفي في القسطنطينية سنة ١٥٤٦ (المترجم).
(١٤) ٩٢٩ ه.
(١٥) ٩٢٦ ه.
(١٦) ولد هذا البابا في فلورنسا سنة ١٤٧٥ ومات في روما ، وهو ابن لوران الكبير وشغل منصب البابوية بين ١٥١٣ و ١٥٢١. وكان من المعجبين بالآثار القديمة وحاميا للفنون والآداب والعلوم. واستحق أن يمنح اسمه لأزهى العصور التاريخية. وقد حاول ، شأن البابا جول الثاني ، أن ينقذ إيطاليا من النير الأجنبي ، فتصدى لقوات البندقية وملك فرنسا وذلك عن طريق تحالفه تارة مع هذا وتارة مع أولئك. فوقع مع فرانسوا الأول اتفاق بولونية سنة ١٥١٦ وقد أدى بيعه لصكوك الغفران الجديدة ، التي كان ريعها مخصصا لإنجاز بناء كنيسة القديس بطرس ، إلى تمرد لوثر وبالتالي إلى حرمانه سنة ١٥٢١ ، ودفع لظهور حركات الإصلاح الديني وبالتالي لانتشار المذهب البروتستانتي (المترجم).