المستحم العرق بعض الوقت (١٣٢). وهنا يوجد المرجل المشيّد بعناية بحجارة منحوتة ، وفيه يسخن الماء ويؤخذ الماء الساخن بسطول خشبية (١٣٣). ولكل زبون الحق بسطلين من الماء. ومن يرغب أكثر من ذلك عليه أن يدفع للخادم مكافأة قدرها بيوكشين أو على الأقل واحد فقط (١٣٤) ولكن لا أكثر من ربعيتين (١٣٥) لصاحب الحمام أو الحمّامي. ويسخن الماء بالزبل. ويعمل لدى الحمّامي عدة خدم وبغّالة من الذين يجوبون أرجاء المدينة ويشترون الروث من الزرائب. ومن ثم ينقلونه إلى خارج المدينة ويكدّسونه على شكل كومة ، ويتركونه ليجف مدة شهرين أو ثلاثة وبعدئذ يستخدم عوضا عن الحطب في تدفئة الغرف أو ماء الحمامات. وللنساء أيضا حماماتهن الخاصة بهن ، ولكن الكثير من الحمامات يعمل للرجال وللنساء ، فللرجال ساعات محدودة ، أي بين الساعة الثالثة والثانية بعد الظهر ، أو أكثر من ذلك أو أقل ، حسب الفصل. أما بقية اليوم فتخصص للنسوة. وعند ما تشغل تلك النسوة الحمامات يمدد حبل على عرض باب الحمام إشارة فلا يدخل رجل إليها. وإذا أراد أحدهم قول شيء لزوجته ، فعليه أن ينادي إحدى خادمات الحمام ، وهن زنجيات ، كي تقوم بتنفيذ الوصية.
هذا وللنساء كما للرجال عادة تناول الطعام في الحمام ، وفي أغلب الأحيان عادة التسلية فيها بمختلف الطرق كما يغنّون فيها بصوت عال. ويدخل كل الشبان تقريبا للحمام عراة ، دون أن يكون لدى الواحد أي حياء من الآخر. ولكن الرجال من علية القوم ومن مستويات اجتماعية معينة يأتزرون بمئزر ، ولا يجلسون في القاعات المشتركة ، بل ينفردون في غرف خاصة منمقة ومحفوظة دوما بحالة نظيفة جدا للشخصيات البارزة.
هذا وقد نسيت أن اذكر أنه حينما يغسّل خدم الحمام أحدهم (١٣٦) فإنه يطلب إليه أن
__________________
(١٣٢) هذه الحمامات التي يصفها الحسن الوزان هي نفسها ما نسميه بالحمامات التركية الموجودة حاليا في الأحياء القديمة من مدن المشرق العربي مثل حلب ودمشق وحماة وحمص ، ويطلق على الغرفة الباردة اسم البراني والوسطى الوسطاني والداخلية الجواني أو بيت النار (المترجم).
(١٣٣) هذه الطريقة غير معروفة في حمامات المشرق الأكثر إتقانا ، لأن المرجل يقع في غرفة في خارج الحمام تدعى القميم. وهناك شخص معين يدعى الوقاد يرمي بمقادير من الروث الجاف تدريجيا حسب الحاجة لتسخين الماء (المترجم).
(١٣٤) وحدة نقدية إيطالية تساوي نحو ٧ سنتيم ذهب.
(١٣٥) ٨ سنتيم ذهب.
(١٣٦) ويدعى في حمامات حلب «المكيّس» ، أي الذي ينظف الزبون بكيس صوفي خشن يكشط به الأجزاء التالفة من بشرة جسمه. (المترجم).