الصالحة للأكل والعصافير المغردة ، ولكن لا يشغل هؤلاء سوى القليل من الدكاكين. ويطلق على هذا المكان سوق العصافيرية. ويباع حاليا في معظم هذه الدكاكين حبال القنب والخيوط ، ثم يجيء صناع «القباقيب» التي يحتذيها الأشراف عند ما تكون الطرق وحلية. وهذه القباقيب جيدة الصنعة جدا مع تزيينات ونعل من حديد فضلا عن سير جلدي مطرز بالحرير. ولا يستطيع أفقر وجيه أن يلبس زوجا منها تقل قيمته عن دينار ، ومنها ما يصل سعره إلى دينارين وبعضها يساوي عشرة وحتى خمسة وعشرين دينارا. وتصنع هذه القباقيب عادة من خشب التوت الأسود أو الأبيض ، ولكن يصنع بعضها من خشب الجوز ومن شجر البرتقال أو العناب. وتكون القباقيب المصنوعة من نوعي الخشب الأخيرين أكثر جمالا وأناقة ولكن قباقيب التوت تدوم مدة أطول.
ويأتي بعد ذلك صناع راشقات السهام وهم بعض مسلمي أسبانيا. ولا يتجاوز عدد دكاكينهم العشرة. وبعد ذلك تأتي خمسون دكانا لصناع المكانس الذين يصنعونها من سعف نخيل الدوم كتلك المكانس التي تصدر من صقلية إلى روما. ويحمل هؤلاء مكانسهم إلى المدينة في سلال كبيرة ويبادلونها بالنخالة ، أو بالرماد أو ببعض الأحذية القديمة المثقوبة. وتباع النخالة للبقّارة ، والرماد لقصّاري الخيوط ، أما الأحذية القديمة فيشتريها الإسكافيون. وخلف هؤلاء نجد الحدادين الذين لا يصنعون سوى المسامير ، ونجد بعدئذ العمال الذين يصنعون أوعية كبيرة خشبية لها شكل سطول ، ولكن سعتها برميل (١٥٢) ، ويصنعون أيضا مكاييل الحب ، والتي يتحقق منها الأمين مقابل ربعية (١٥٣) عن كل كيل.
وبعدئذ يأتي باعة الصوف الذين يشترون جلود الخراف من الجزارين ، ولهم عمال يغسلونها ويكشطون صوفها ويدبغونها. ولكنهم لا يعالجون سوى جلود الضأن. أما جلود الماعز والثيران فتدبغ في مكان آخر. تلك هي مهنة خاصة.
ثم يأتي بعد ذلك الصناع الذين يصنعون القفاف والقيود لربط قوائم الخيل حسب العادة في إفريقيا. وتتاخم دكاكين صناع النحاس. وإلى جوار صناع المكاييل نجد صناع آلات حلج الكتان والصوف. وفيما وراء ذلك يقع السوق الكبير حيث نجد أناسا من
__________________
(١٥٢) ٣٤ ، ٥٨ لتر.
(١٥٣) أو ثلاثة سنتات من الذهب.