الدين أبو العباس أحمد البوني (١٩٣) الذي أسس طريقتهم ، وحدد لهم صلواتهم ، وبين لهم الطريقة التي يجب أن يؤلفوا بموجبها تمائمهم ، وقد اطلعت على كتابه وأعتقد أن هذا العلم يقترب من فن السحر أكثر من الباطنية. ويبلغ عدد أهم المطولات في هذه المادة ثمانية. ويحمل أشهرها عنوان «اللّمع النورانية» للبوني ، وهو يحدد الصلوات وأشكال الصوم وتواريخه. وهناك كتاب آخر يدعى شمس المعارف ، يشير فيه لطريقة كتابة التمائم ويبين الفائدة التي تجنى منها. ويسمي الكتاب الآخر «سر الأسماء الحسنى» أي سر التسعة والتسعين اسما لله تعالى. وقد رأيت هذا الكتاب في روما في يد يهودي من البندقية.
ويوجد في هذا المذهب قاعدة أخرى هي طريقة «السواح» وهي التي يتبعها بعض الزهاد. ويعيش هؤلاء في عزلة ولا يتناولون طعاما غير الأعشاب والثمار البرية. ولا يعرف أحد تماما الحياة التي يعيشونها لأنهم يتحاشون أية علاقة بشرية.
وسأبتعد كثيرا عن هدف كتابي هذا لو أردت متابعة الدراسة الدقيقة لمختلف المذاهب الإسلامية. فالذي يرغب في معرفة المزيد عنها عليه أن يقرأ الكتاب المسمى «الأكفاني» (١٩٤) الذي يعرض بإسهاب لمختلف النحل المنشقة عن الديانة الإسلامية. ويبلغ عدد المذاهب الرئيسة منها السبعين. وتدعي كل طريقة أن تعاليمها هي الجيدة والصحيحة ، ويرى أتباعها أن الإنسان يبلغ عن طريقها سلامته ونجاته.
هذا ولا نجد في عصرنا سوى مذهبين للديانة الإسلامية. الأول هو المذهب الأشعري (١٩٥) الذي ينتشر في كل إفريقيا ومصر والشام وجزيرة العرب وسائر تركيا. والثاني هو عقيدة الإمامية (١٩٦) المنتشرة في بلاد فارس وفي بعض مدن خراسان. وهذا هو المذهب الذي يتبعه ملوك الأسرة الصفوية في إيران. وبسبب هذا المذهب الأخير تخربت آسيا كلها.
وقبل ذلك كان أهل هذه البلاد يتبعون المذهب الأشعري. وقد أراد ملك الفرس
__________________
(١٩٣) توفي سنة ١٢٢٥ م.
(١٩٤)؟.
(١٩٥) أبو الحسن علي الأشعري المتوفي حوالي سنة ٩٤١ م. (ويقصد المؤلف مذهب أهل السنة). (المراجع).
(١٩٦) أي الشيعة (ويقصد الشيعة الإمامية أو الجعفرية أو الاثني عشرية) (المراجع).