بأيديهم. وأخذوا كل سكانها الموجودين أسرى الى البرتغال. وكان من بين هؤلاء محمد الذي هو اليوم ملك فاس. وكان حينئذ طفلا سنه سبعة أعوام (٣٣١) وقد أسر مع إحدى أخواته التي كانت لها نفس السن. ومن تلك الفترة كان أبوه يسكن أرزيلا ، وهو الذي حرّض أهل إقليم الهبط على العصيان (٣٣٢).
وبعد أن قتل عبد الحق ، وهو آخر ملك من أسرة بني مرين ، على يد الشريف الذي كان شخصية كبيرة في فاس ، وكان ذلك بمعاضدة الشعب ، نصّب الشعب نفسه الشريف ملكا (٣٣٣). وظهر بعدئذ شخص يدعى شيخ هبره ، الذي حاول الدخول الى فاس والمناداة بنفسه ملكا (٣٣٤).
ولكن الشريف الذي تأثر برأي مستشاره الأول وبحججه (وكان هذا المستشار ابن عم الشيخ) ، طرد هذا الشيخ بصورة مخزية من فاس. وبعدئذ أرسل الشريف مستشاره هذا إلى تامسنة لإخضاع سكان هذا الأقليم. وفي غضون ذلك عاد الشيخ هبره مع نجدة تقدر بحوالي ثمانية آلاف فارس من العرب وحاصر فاس الجديد ، وتمكّن بعد مضى عام كامل من اقتحام المدينة بسهولة بفضل خيانة أناس من أهلها لاعتقادهم بأنهم لن يتمكنوا من الحصول على ضروريات حياتهم في حالة حصار متطاول. وهرب الشريف من مملكة فاس مع كل أسرته (٣٣٥). وفي الوقت الذي كان فيه الشيخ هبرة يحاصر فاس أرسل ملك البرتغال أسطولا احتل ارزيلا ، كما ذكرنا ذلك من قبل.
وقد سقط الملك الحالي وأخته في الأسر واقتيدا أسيرين إلى البرتغال. ومكثا فيها
__________________
(٣٣١) هو أبو عبد الله محمد. ومعنى هذا أنه ولد عام ٨٦٩ ه أو ما بين ٣ / ٩ / ١٤٦٤ و ٣٢ / ٨ / ١٤٦٥ م. وهو الملقب بمحمد البرتغالي.
(٣٣٢) كانت أسرة الشيخ بن يحيى في أرزيلا ، ولكنه كان يحاصر فاس في تلك الآونة
(٣٣٣) في ٢٣ ايار (مايو) ١٤٦٥ م ذبح السلطان عبد الحق بن عثمان في جامع من جوامع فاس. والغالب على الظن ان الشريف الادريسي ابا عبد الله محمد بن علي الجوتي ، النقيب ، اي نقيب اشراف فاس ، لم يكن هو القاتل ، ولكنه استرد لقب «ملك» عن اجداده الأدارسة. وقد نودي به إماما مع الصلاحيات الملوكية.
(٣٣٤) لا نزال نجهل تفسير اسم هبرة. والحقيقة هي أنه يدعي أبو زكريا محمد الشيخ ، من أسرة بني وطّاس ، وهي أسرة قوية جدا قام السلطان عبد الحق بقتل أهم أفرادها في ايلول (سبتمبر) ١٤٥٩ م ، ونجا صدفة من هذه المذبحة محمد الشيخ الذي لجأ مع أقربائه إلى أزريلا ، وبعد هذا أثار هذه المنطقة على السلطان.
(٣٣٥) وقع هذا الحادث حوالي شهر آب (أغسطس) ١٤٦٧ م ، أو بعد ذلك التاريخ بقليل ، ولكن بني وطّاس تنازعوا فيما بينهم على السلطة خلال فترة من الزمن مما جعل تاريخ تنصيب محمد الشيخ غير معروف.