الخطورة بمكان شرب هذا الماء ليلا لأنه ملىء بالعلق.
ويقسم السكان إلى فئتين ، هم الصيادون والقراصنة ، ويذهب هؤلاء بقواربهم لنهب السواحل النصرانية. والجبال حول بادس مرتفعة وموحشة. وتحتوي على أخشاب تصلح لبناء القوارب والطرادات. ولا يعيش سكان الجبال إلّا من تصدير هذا الخشب بعد نقله إلى مختلف البلاد. ولا ينبت في المنطقة سوى القليل من القمح ، ولهذا يأكل الناس في هذه المدينة خبز الشعير. ويتغذون خاصة بالسردين وبأسماك أخرى. ويحرص الصيادون على أن يحصلوا على كميات كبيرة من هذه الأسماك ، ولذلك يحتاجون دوما لبعض الأشخاص ليعينوهم في سحب الشباك. ولهذا كان من عادة الفقراء الذهاب كل صباح تقريبا لساحل البحر لتقديم العون للصيادين الذين يكافئونهم بأن يتركوا لهم قسما طيبا من السمك الذي يصيدونه مثلما يقدمون منه لكل الأشخاص المتواجدين هناك. أما بالنسبة لأسماك السردين فهم يملّحونها ويرسلونها إلى الجبال. ويوجد في هذه المدينة أيضا شارع طويل يسكنه اليهود ويباع فيه الخمر. ويبدو النبيذ كأنه مشروب مقدس بالنسبة لكل السكان. وفي كل أمسية يكون الطقس فيها صحوا يذهب الناس في مراكب صغيرة للرياضة في عرض البحر ، ويستمتعون هناك بالشراب والغناء.
ولبادس قصبة صغيرة ليست شديدة المنعة. وفيها يسكن الأمير ، مثلما يملك أيضا في خارج القصبة قصرا مع بستان بديع جدا. ونجد في خارج القصر أيضا ، بجوار البحر ، دار صناعة صغيرة حيث تبنى القوارب ، والطرادات ، وبعض المراكب. ومن عادة الأمير وسكان المدينة ، تسليح مراكب وإرسالها للبلاد النصرانية حيث يلحقون بها الكثير من الأضرار. ولهذا السبب قام دون فرناندو ، ملك أسبانيا الذي تكلمنا عنه ، وأرسل (٤١٢) أسطولا بقيادة دون بدر ونافارّ والذي احتل جزيرة واقعة تجاه بادس تماما وعلى مسافة ميل واحد من المدينة. وهناك شيّد حصنا فوق رصيف صخري (٤١٣) وجهزه بالجند وبالأقوات ، وبمدفعية قوية جدا حتى أن رمى الأسبان كان يقتل الناس في شوارع البلدة وفي الجامع. وعندها طلب أمير بادس النجدة من ملك فاس الذي أرسل العديد من الجنود المشاة لانتزاع الجزيرة ، ولكن مزّق شملهم
__________________
(٤١٢) في عام ١٥٠٨ (ترّاس ، تاريخ المغرب ، ج ٢ ، ص ١٢٢ ، عام ١٥٠٧ م)
(٤١٣) تدعى بنيون دوفيليز ، ومعناها بالأسبانية صخرة بادس الكبرى.