ورتاجّن التي لا تزال تملك المدينة في الوقت الحاضر.
وعندما فقدت أسرة بني مرين مملكة فاس حاول العرب المجاورون انتزاع إمارة دبدو من بني ورتاجّن. ولكن هؤلاء دافعوا عنها ببسالة بفضل معونة شخص يدعى موسى بن حمّو ، وهو من أعضاء هذه القبيلة. واضطر العرب لعقد هدنة معه. وظل موسى أميرا على المدينة بقية حياته ، وخلفه من بعده ابن له يدعى أحمد كان يشابه أباه من جميع الوجوه. وخلف احمد هذا ابنه محمد الذي كان من افذاذ رجال الحرب المبرزين.
فقد احتل قبل تسلمه السلطة بضع مدن وقصور عند سفح جبال الأطلس ، نحو الجنوب ، على تخوم نوميديا. ولما تسنّم قيادة دبدو ، جمّل هذه المدينة ببضعة أبنية ووصل بها إلى مستوى عال من الازدهار. وقد برهن على كثير من الأريحية وفرط البشاشة تجاه الغرباء وتجاه الذين كانوا يمرون بهذه المدينة ، وعاملهم بحفاوة بالغة ، وغمرهم بإحسانه ، واحتمل عنهم نفقات إقامتهم ، حتى شاع صيته بين العديد من القبائل.
وقد أشار عليه أناس كثيرون بانتزاع تازه من يدي ملك فاس ، ووعدوه أن يقدموا له كل ما هو بحاجة اليه من معونة لتحقيق ذلك. وتم حبك المؤامرة التالية : «تخفى الأمير محمد هذا في زي رجل جبلي وشخص يوما ما إلى سوق تازه ، كأنه شخص عادي يرغب في شراء ما يحتاج اليه من هذه السوق ، وكان المؤتمرون على موعد معه بالالتقاء به لتنفيذ مؤامرتهم ، وانقضوا بغتة على حاكم تازه. وكان النجاح ميسرا ، لأن السكان كانوا مهيئين لقبول هذا الوضع الجديد ، ولكن المؤامرة افتضحت قبل أن تتم فصولها ، وبادر ملك فاس ، وكان حينئذ محمد الشيخ ، والد الملك الحالي ، إلى السير لاحتلال دبدو مع أكبر قدر من الجيوش التي استطاع تعبئتها. وحينما وصل الى سفح الجبل أمر قواته باتخاذ أهبة الهجوم. ولكن الجبليين الذين كان عددهم ستة آلاف تجمعوا بمهارة ، وتركوا قسما من القوات الملكية تمر في دروب الجبل المتعرجة الضيقة التي يتعسر الخروج منها. وحينما وصلت هذه القوات الى حيث أراد الجبليون أن تصل ، انقضوا عليها ، وكانوا هم في أحسن حال من الراحة والنشاط ، بينما كانت القوات الملكية مرهقة مكدودة ، وكانت الطريق ضيقة عسيرة. فعجز جنود الملك عن تحمل المباغتة ، واضطروا إلى التخلي عن المعركة ، وفروا لا يلوون على شيء ، فكانوا يتدافعون بالمناكب حتى إن الواحد منهم كان يحول في فراره دون تراجع الآخر ، وحتى