وهو عم ابي حمّو ووالده عبد الله ، بعد ان اطلق سراحه من السجن ، ووضع على العرش ، ولكنه لم يتمنع بذلك كثيرا ، لأن هذا العرش كان مطمع التركي باربروس ، الذي قتل أبا زيان غدرا وأصبح ملكا على المملكة. ولكن عند ما طرد الشعب أبا حمّو ، ذهب فورا إلى وهران وسافر منها الى أسبانيا لمقابلة صاحب الجلالة الامبراطور شارل. وناشده بكل تواضع وتضرّع ان ينجده ويساعده ضد أهالي تلمسان وضد التركي باربروس ، وقد برهن الامبراطور الكبير على رحمة وشفقة ندر أن بدا مثلهما من أسلافه ، حتى إنه عفا عن الملك وأرسل معه جيشا طيبا وعظيما دخل أبو حمّو بواسطته إلى مملكته وقتل باربروس مع عدد من جماعته (١٠).
وبعد هذه الأحداث كافأ أبو حمّو القوات الاسبانية ، ورغبة منه في الطمأنينة ، ظل وفيا لتعهداته التي قطعها على نفسه تجاه الامبراطور وذلك بأن راح يرسل له كل عام الجزية المحددة (١١). وقد تمسك بهذه المعاهدة مدة حياته. وبعد موته (١٢) ، آلت المملكة إلى اخيه عبد الله الذي رفض طاعة الامبراطور وتنفيذ بنود المعاهدة التي وقّع عليها أخوه. وذلك بسبب الثقة التي كانت له في قوة سليمان ، امبراطور الأتراك. ولكن السلطان هذا لم يقدم له سوى القليل من العون. ولا يزال عبد الله حيا حتى الساعة الحالية ويعمل على تدعيم سلطته(١٣).
__________________
(١٠) لقد أدى تشابه الاسماء إلى جعل تاريخ سلاطين تلك الفترة غامضا إلى حد ما. وإليكم بعض التوضيحات حول النص يقدمه لنا المؤلف. فقد سقط المرسى الكبير ووهران تحت سلطة الأسبان في عهد الملك أبي عبد الله الذي ارتقى العرش سنة ١٥٠٥ م ، أما أخوا هذا الملك اللذان تأمرا ضده فهما أبو زيان الذي أودع السجن ، والثاني يحيى الذي هزم والتجأ إلى فاس. وعلى أثر موت أبي عبد الله سنة ١٥١٦ م ، نودى بابنه «ابو حموّ» ملكا وترك عمه أبو زيان في السجن. ولكن عند ما أتهم أبو حمو بالتواطؤ مع الأسبان اضطر للهرب إلى وهران والذهاب في طلب العون من شارل الأول ملك اسبانيا ، والذي لم يتوج امبراطورا على المانيا إلا في ٢٨ حزيران (يونيه) ١٥١٩ م. وأمدّه شارل الأول بألفي رجل فنزلوا في رشفون في أواخر عام ١٥١٧ م ولم يحاربوا بحماس كبير. وبعد هرب أبي حموّ ، نودى بعمه أبي زيان ملكا على تلمسان. ولما توجّس خيفة من التطلعات الأسبانية ارتكب الغفلة بطلب العون من عروج باربروس ، الذي وصل مع جنوده الأتراك الى تلمسان وقتل الملك وذبح أسرته واستولى على السلطة. وأخيرا دخلت القوات الأسبانية الى تلمسان فهرب باربروس الذي طاردته فصيلة أسبانية إلى أن أدركته عند بني سناسن وقتلته مع حرسه ، ويعتقد ان ذلك حدث في عام ١٥١٨ م وعندئذ استرد أبو حموّ سلطته على تلمسان.
(١١) وهي ١٢٠٠٠ دينار من الذهب ، و ١٢ حصانا ، وستة من إناث الصقور.
(١٢) في ١٥٢٨ م.
(١٣) أبو محمد عبد الله نودى به عام ١٥١٨ ، والذي يعتقد أنه حكم حتى ١٥٤٠ م وأرسل خطاب وفاء وطاعة لخير الدين ـ