العرب. كما طرد ملوك تونس (٤) بعضهم. غير أنهم كانوا يستردون السلطة دائما. واستطاعوا أن يستمتعوا بها مدة مائة وثلاثين سنة تقريبا (٥) بدون أن يتعرضوا لأذى من أي ملك غريب ، إلا من أبي فارس ، ملك تونس ، ومن إبنه عثمان. فهذا الأخير فرض على تلمسان دفع الجزية لتونس مدة من الوقت استمرت حتى وفاته (٦).
وتمتد مملكة تلمسان على مسافة خمسمائة وثلاثين ميلا من الشرق للغرب (٧). ولكنها ضيقة جدا من الشمال الى الجنوب. فبين البحر المتوسط وبين تخوم صحراء نوميديا لا يوجد ، في بعض النقاط ، سوى مسافة لا تزيد عن خمسة وعشرين ميلا (٨). وهذا هو السبب الذي جعل هذه المملكة معرضة باستمرار لسوء المعاملة وللإذلال الخطير على أيدي العرب الذين يسكنون الجزء المجاور من الصحراء. وكان يضطر ملوك تلمسان دائما لكسب هدوئهم يدفع إتاوات ضخمة وتقديم الهدايا لهم. ولكنهم لم يتمكنوا ابدا من استرضائهم جميعا. وكان من النادر ان يتمكن احد من العثور على بعض الطرق الآمنة. ولكن مع هذا كانت هناك حركة كبيرة في تجارة السلع في مملكة تلمسان هذه لقربها من نوميديا ولأنها تؤلف محطة على الطريق المؤدية لبلاد السودان.
وفي هذه المملكة اثنان من المراسي المشهورة هما مدينة وهران والمرسى الكبير. وكان يقصد هذين الميناءين عادة الكثير من التجار الجنويين والبنادقة الذي كانوا يزاولون فيها التجارة الكبرى عن طريق المقايضة.
وقد سقط الميناء في يد الملك الكاثوليكي فرناندو (٩) وكان ذلك خسارة جسيمة على مملكة تلمسان حتى ان الشعب طرد الملك أبا حمّو ، وجيء بشخص يدعى أبا زيان ،
__________________
(٤) الحفصيون.
(٥) أي منذ انهيار سلطة المرينيين في نهاية القرن الرابع عشر.
(٦) لقد احتل ابو فارس عبد العزيز سلطان تونس الحفصي مدينة تلمسان بتاريخ آيار (مايو) ١٤٢٤ م واكتفى بقبول بني زيان أتباعا له. واندفع حفيده ابو عمرو عثمان حتى أسوار تلمسان سنة ١٤٦٢ م ، ثم فى ١٤٦٦ لتوطيد الأمن فيها وتوفى سنة ١٤٨٨ م.
(٧) أي ٩٣٠ كم وهي المسافة التقريبية بين نهر الملوية وواد الصمام
(٨) ٤٠ كم.
(٩) سقط المرسى الكبير في أيار (مايو) ١٥٠٦ ووهران في ١٨ أيار (مايو) ١٥٠٩ م.