ـ ونبغيدا تيسمت وتاكنتكوتات ، وهنا يجب ان تتوقف مناطق القنزيغة. وهذه الاشارة التي اعطيت ، فعلا عن دس ايفوراس ، والتي تحوى ، بلا خلاف ، على اخطار كبيرة ، هذه الاشارة تضعنا في بيئة اكثر وضوحا ، لأن النطاق المعبور تابع لطوارق تايتوك ، إذ لا يوجد قوم يدعون قنزيغة بالمعنى الدقيق ، قد ذكر ابن خلدون (ج ٢ ، ص ١٠٤) ونزيقة ، من جنوب المغرب الاقصى ، ولكن هذا الاسم غير مؤكد ، ويمكن قراءته ، استنادا الى ترجمة دوسلان ، أو ترغاس. ولربما كان هذا ، على ما يبدو ، نوعا من تحريف لكلمة انزيزة أو ونزيزة الذي كان له حينئذ معنى «اهل انزيزة» والذي ربما كان كنية. وقد تلقى الحسن الوزان هذا الاسم من ابن خلدون وجعله قنزيغه ومن جهة اخرى فإن انزيزه ليس اكثر من تحريف عربي لكلمة اينهيها حسب لفظ جماعة «كل آهكار» ، واينشيشاو ، حسب لفظ قبيلة «كل ادرار» ، وكلمة اينزيزا وحسب لهجة قبيلة كل آيير ، وهو بئر يقع في جبل صغير له نفس الأسم ، بين ادرار آهنت وادرار دس ايفوراس ، وورد بلفظ انيزيز فوق الخرائط الفرنسية الحديثة. ولهذا المورد المائي ، ذي الاهمية الفريدة في اتصالات القوافل بين توات والسودان ، شهرة سابقة في كل خرائط العصر الوسيط ، حيث ورد تحت اسم آنيا (الخربطة القطالونية في القرن الخامس عشر) وآنزيكا (خريطة ميسيا دوميلادستس ، ١٤١٣ م) وأنسيشا (خارطة فالسيشا ١٤٣٩ م) وآنزيش (لوحة فللتري ١٤٣٥ م) وخرائط قطالونية اخرى في القرن الخامس عشر).
وكان كل ارباب القوافل يقصدون انزيزة كثيرا ، ولا تزال ، والذين كانوا يأتون من عين صالح ، ومن أبعد منها شمالا ، قاصدين تادميكا ، تومبوكتو او غاءو. ويقع هذا البئر في اراضي تجوال طوارق تيتوك وكل آهنت الذين كانوا يذهبون حتى رقّان وآلّن اذا كان المرعى يسمح بذلك. وكان الأمر على هذه الحالة في عصر ابن خلدون ، يقول عند كلامه عن والن (ج ٢ ، ص ٢٤١): «إن هذا «القصر» كان قصر قوم من متغارة ، وأنه لما كان هذا من أقرب الأمكنة للبلاد التي يقطنها اهل اللثام ، نرى فيه وصول عصائب من بدو في السنين التي تقسرهم شدة الحر على مغادرة صحرائهم». وتبدو الحدود التي ينسبها الحسن الوزان الصحراء قنزيقة ، لأول وهلة غير مطابقة لأي وحدة جغرافية. ولكن العلاقة بين والن وانزيز. وتيتوك تضعنا ، لحسن الحظ ، على الطريق. وتؤلف جماعة التايتوك واقرباؤهم كل آهنت ، مجموعة طوارقية معروفة أحيانا تحت اسم عرعر فن آهنت ، والتي تنسب عموما لجماعة كل آهقّار ، ولكن لم يكن لها في كل الأزمنة اكثر من علاقات متراخية معها ، وقد اعتبروا أنفسهم مستقلين على الدوام. وتمتد اراضي نجعاتهم غربا حتى توات. وكانت منطقة والّن ، كما سنرى ، تضم جبال أدرار آهنت ، التي تؤلف القسم الشرقي من كتلة جبل الهقّار ، أي كل المنطقة الصحراوية المحصورة بين الهقار من ناحية وادرار دس ايفوراس ، والزاوية الجنوبية من آيير ، من ناحية أخرى. وقد حدث أيضا في السنوات الأخيرة ان وصلت جماعة التايتوك وكل آهنت حتى انزيزة ، في ادرار ناهالت ، إلى تيم ميّساو ، عند ما تحيي الامطار مراعي هذه المنطقة حيث نجد الكثير من دمن مخيماتهم. ومنذ قرن واحد تقريبا فقط ، وعلى أثر نزاعات دموية مع قبيلة كلديلة ، وهي قبيلة طبل في الهقّار ، أخذت تجنح الى الجلاء من آهنت كي تستوطن بصورة دائمة التخوم الغربية لمرتفعات آيير حيث استقروا نهائيا منذ عام ١٩٤٥ م ، وهو تاريخ الحافهم إداريا بدائرة آغادس ، ومن جهة أخرى كانت منطقة تغازة مألوفة لديهم ، ومن المشهور انهم كانوا يمدّون نطاق غزواتهم حتى الدرعة. ويتجلّى من الآن ان أراضي نجعاتهم القديمة التي كانت تنطبق بالفعل على النطاق الذي يصفه الوزان ، على اعتباره المنطقة التي يسكنها قوم ونزيقة ، إذن ينطبق عليهم هذا الاسم. ولكن ماذا تمثل صحراء جوغدم؟ وسنجد هذا الاسم على شكل غوغادم (الادريسي) وكوكادام (ابو الفدا) وكاكدم (ابن خلدون) ، واستنادا الى الادريسي ترجمة (. دوزي وم. ج. دي خويه. ص ٦٩) فان اسم كوكادام هذا يعني «في لسان اهل غينيا» مدينة ازوغي البربرية. أما بالنسبة لأبي الفداء فهي مدينة اخرى واقعة على مسافة ثمانية ايام شمال غربي آزوغي ، وتعني ايضا جبلا له نفس الأسم. وأخيرا فإن ابن خلدون (ج ٢ ص ٦٥) يقصد بها صحراء تسكنها أفخاذ مختلفة من لمتونه. ولم يرد أي ذكر عن وجود مدينة بجوار آزوغي بإسم كوكادم ، باستثناء المدينة التي يذكرها ابو الفدا الذي لم يكن أكثر من جمّاعة ولم يكن التوفيق حليفه دائما. ويظهر أن رواية الأدريسي ، الذي يمدج هذه المدينة ـ