لأخرى مع رجال حاشيته يمتطى جملا وتقاد الخيول بأيدى الخدم المسلمين. وإذا أراد الحرب ، تعقل هذه الجمال ويركب الجنود خيولهم. وفى كل مرة يريد أحد مخاطبة الملك يجثو أمامه ، ويأخذ التراب ويحثوه على رأسه وكتفيه : وهذه طريقة التعببر عن الاحترام ، ولكن هذا غير مطلوب إلا من الذين لم يسبق لهم أن خاطبوا الملك سابقا ، أو من السفراء. ولدى الملك حوالى ثلاثة آلاف فارس وعدد لا يحصى من المشاة المسلحين بالأقواس المصنوعة من خشب «الشمرة» البرية (٤٢) ، ويرمى هؤلاء بسهام مسمومة. ويشن هذا الملك الحرب على الأعداء من جبرانه وعلى الذين يمتنعون عن دفع الإتاوة له. وحينما يحرز النصر يبيع فى تومبكتو أسراه حتى الأطفال الذين غنمهم فى المعركة.
ولا يولد فى هذه البلاد من الخيول سوى بعض البراذين الصغيرة. ويستخدمها التجار فى أسفارهم ، وكذلك رجال بطانة الملك أثناء تجوالهم فى المدينة. ولكن تأتى كرام الخيل من بلاد البربر ، وتأتى مع قافلة. وبعد عشرة أو اثنى عشر يوما من وصولها ، تعرض أمام الملك الذى يأخذ منها العدد الذى يرغبه ويدفع ثمنها بالسعر المناسب.
وهذا الملك هو العدو اللدو لليهود. فهو لا يرغب أن يسكن أحد منهم في المدينة. وإذا بلغه أن تاجرا من بلاد البربر يتردد عليهم أو يتاجر معهم يصادر أرزاقه. ويوجد في تومبوكتو العديد من القضاة والعلماء والأئمة ، ولجميعهم مرتبات طيبة من الملك ، وهو يكرم الأدباء كثيرا. ويباع هنا الكثير من الكتب المخطوطة التي تأتي من بلاد البربر. ويجنى من هذا البيع ربح يفوق كل بقية السلع.
وتستخدم قطع الذهب الصافي عوضا عن العملة المسكوكة ، في حين يستعمل الودع لشراء الأشياء البسيطة ، وهي قواقع مجلوبة من بلاد فارس (٤٣) ويعادل الأونس الروماني من الذهب (٤٤) ستة وثلثين من دنانيرهم (٤٥).
__________________
(٤٢) نبات غير محدد. ففي المناطق المتقدمة في السودان نحو الجنوب ، تصنع الأقواس من خشب البامبو.
(٤٣) وهي C.anulus وCypraeamonetas وتأتي في الحقيقة من جزر الملديف في المحيط الهندي.
(٤٤) ٢٥٦ ، ٢٨ جراما.
(٤٥) إذن يزن المثقال السوداني ٢٣٨ ، ٤ غرامات.