وبيوت تومبوكتو هى أكواخ مصنوعة من أعمدة مطلية بالطين مع سقوف من القش. ويقع فى وسط المدينة الجامع المبنى بحجارة منحوتة مع طين الكلس على يد مهندس من الأندلس ، مولود فى مدينة المانه ، كما أن هناك قصرا كبيرا بناه المهندس نفسه وحيث يسكن الملك (٣٧) ، وبها كثير من دكاكين الصناع والباعة ، ولا سيما حاكة قماش القطن ، وتصل أقمشة أوربا إلى تومبوكتو ويجلبها تجار من بلاد البربر.
ولا زال من عادة نساء المدينة وضع الحجاب على وجوههن ، باستثناء الاماء اللواتى يبعن كل الأشياء المأكولة. والسكان واسعو الثراء ، ولا سيما الأغراب الذين أقاموا فى البلاد ، حتى إن الملك الحالى (٣٨) أعطى اثنتين من بناته زوجتين لأخوين تاجرين بسبب ثرائهما. ويوجد فى تومبوكتو عدة آبار مياه عذبة ، وفضلا عن ذلك فإن الماء يصل حتى المدينة بواسطة قنوات فى وقت فيضان النيجر. وتغزر هناك الحبوب والمواشى ويكثر تبعا لذلك استهلاك الحليب والسمن. ولكن هناك افتقار شديد للملح ، لأن هذا يجلب من تغازة ، التى تيعد عن توميوكتو بنحو خمسمائة ميل (٣٩). وقد كنت موجودا فى هذه المدينة فى وقت كان فيه سعر حمل الملح ثمانين دينارا (٤٠). ولدى الملك خزينة كبيرة من العملة ومن سبائك الذهب ، وتزن إحدى هذه السبائك ألفا وثلاثمائة رطل (٤١).
والبلاط الملكى جيد التنظيم للغاية وذو أبهة. وعندما يذهب الملك من مدينة
__________________
(٣٧) إن الذى أشرف على بناء هاتين العمارتين هو رجل يدعى إسحق السهيلى الغرناطى ، الذى اصطحبه كنكان موسى من مصر فى أثناء مروره بالقاهرة. وينسب إليه أيضا بناء الجامع فى غاءو. أما الجامع الذى شيد بناء على أوامر كنكان موسى فقد تخرب فيما بعد وأعاد بناءه القاضى العقيل بن محمود. كما أن القصر الذى ذكر فى كتب التاريخ باسم معدوغو قد اختفى اليوم. ه. ل.H.Lhote
(٣٨) لم يكن هناك ملك فى تومبوكتو بل نائب عن امبراطور غاءو السونغائى ، والذى كان يلقب بتومبوكتو كوى. أما الذى كان موجودا فى أثناء مرور الحسن الوزان فكان يدعى عمر بن محمد النّدى. وقد نصبه أسكيا الحاج محمد سنة ١٤٩٣ وتوفى عام ١٥٢١ ، وكان هذا المنصب أسمى مناصب الامبراطورية ، وكان يخول صاحبه امتيازات عديدة ، ولا سيما امتلاك الطبل ، وهى شارة قيادة عليا. ه. ل H.Lhote
(٣٩) ٨٠٠ كم.
(٤٠) أى أربعة ألواح من الملح الصخرى.
(٤١) أو حوالى ٤٠٠ كغم من الأرطال المصرية. وقد سبق للبكرى أن تكلم عن سبيكة ضخمة من التبر يملكها ملك غانة ، ويوضح الإدريسي في سنة ١١٥٤ م انها كانت تزن ثلاثين رطلا وكان يربط بها حصان الملك. وعن هذه السبيكة بلا شك يتكلم ابن خلدون ويذكر عنها أن الملك الماندينغي ماريدياتا الثاني الذي حكم بين ١٣٥٩ و ١٣٧٤ م قد باعها لنخاسين مصريين وأن هذه الكتلة كانت تزن ٢٥ قنطارا. فمن هذا يظهر أن الرقم الذي ذكره الحسن الوزان مبالغ فيه.