القبائل التي تهيم في الصحراء. وهؤلاء الناس الذين يشبهون أفقر فئات الزنغاري (٦٥) يتعرضون دوما للتجار ويغتالونهم. ولهذا يعمد التجار لاصطحاب العبيد المسلحين جيدا بالحراب وبالسيوف وبالأقواس ، حتى إنهم أخذوا يستعملون اليوم راشقات السهام (٦٦). وهكذا لا يستطيع هؤلاء اللصوص أن يعملوا شيئا (٦٧).
وما أن يصل أحد التجار الى مدينة ما ، فإنه يستخدم هؤلاء العبيد في مختلف الأعمال كي يكسبوا عيشهم ويحتفظ بعشرة او بإثني عشرة منهم لحاجاته الشخصية ولحراسة بضائعه.
ويقوم ملك آغادس بإحاطة نفسه بحرس كبير العدد ، وله قصر في قلب المدينة. والواقع يعود هو أصلا لتلك الأقوام الليبية ، وفي بعض الاحيان تقوم هذه بخلعه كي تنصّب في مكان أحد اقربائه. ولكنهم لا يغتالونه البتّة ، ويعينّ ملكا على آغادس الذي يقدم أكبر خدمة لأهل الصحراء.
أما في بقية المملكة ، أي في كل المنطقة الجنوبية ، فينصرف الناس لتربية الماعز والأبقار. ويعيشون في أكواخ من أغصان أو من حصر ينقلونها على الثيران عند ما
__________________
(٦٥) الزنغاري الطليان هم البوهيميون الجوالة في أيامنا أو الرومانيشل وهم من أصل هندي.
«ويماثل هؤلاء النور أو القرباط في أقطار المشرق العربي والذين يعيشون في البوادي كفئة منحطة تزاول أدنأ الأعمال كسلخ جلود الحيوانات النافقة ، وحتى في المدن حيث لهم حي خاص بهم في جنوب شرق حلب يدعى القرباط» (المترجم).
(٦٦) وهذه الإشارة الوحيدة التي وردت عن آلة رشق السهام في هذه المنطقة. ولا يوجد منها اليوم أي أثر ، بينما بقي القوس ولا زال معروفا عند الهوسا والبهل ، ولكن ليس لدى الطوارق الذين يظهر انهم لم يستعملوه أبدا. غير ان بعض قبائل دامرغو المستقرة الذين صاروا أتباعا لهم والذين رافقوهم عدة مرات في المعارك ، كانوا مسلحين بها ، ولهذا كان من الخطأ القول بأن طوارق جنوب آيير كانوا يمارسون الحرب بالقوس. أما العرب فقد امتلكوا راشقة السهام منذ القرن الثامن الهجري كما كانوا يقذفون بالبنادق وكانوا يرمون بالرصاص. كما ورد ذكرها عند سلاطين بني مرين في المغرب حوالي العام ١٣٤٥ م الذين كان لديهم فرق من الأندلسيين وفصيلة من مهرة الرماة بالراشقات الخيالة (العمري : مسالك الأبصار. ترجمة جودفروا دو مومبين. باريس ١٩٢٧ ص ١٤٧) ترى هل كانت راشقات السهام المذكورة في آيير كان يتسلح بها تجار تواتّيون مقيمون في المدينة؟ وحتى القرن السادس عشر كانت راشقة السهام لا تزال مستخدمة في المغرب الأقصى ، ومن المؤكد انها كانت مستخدمة في توات ، حيث بقيت على شكل لعبة أطفال. وربما عن هذا الطريق وصلت الى آيير. ه. ل H.L hote.
(٦٧) وربما المقصود بهم قطاع الطرق من قوم دازا أو غوران ، وهم أقارب التدا ، وغريزة النهب لديهم ليست بأقل مما هي عند الآخرين.