__________________
ـ تداليزه المذكورة في الحولية ، هي بلدة لا تزال باقية وتقع على مسافة ٢٠ كم شمالي اغادس ، وهي تطابق تلدزه في كتابي «تاريخ الفتاش» و «تاريخ السودان». وأن آيار هي بالفعل آيير وليس آيورو. وتصبح هذه الفرضية توكيدا عندما نثابر على تدقيق النصوص. فحوليات آغادس تسرد بوضوح وقائع ستيز لنا الأحداث الهامة التي وقعت في ذلك العصر ، واستنادا إليها فإن السلطان الذي كان يمارس السلطة سنة ١٥٠٠ م هو محمد عبد الرحمن ، الذي حكم مدة تسع سنوات ومات وهو على رأس الحكم إذ اغتيل سنة ١٩٠٢ م ، ويذكر «تاريخ السودان» (ص ١٢٩) و «تاريخ الفتاش» (ص ٣١٩) من ناحية أخرى ، في عبارات مماثلة ، أن آسكيا شنّ معركة سنة ١٥١٥ م ضد العدلاء ، وهو سلطان آغادس. وهذا ينسجم بالواقع مع الحوليات (ص ١٥٢) التي تقول بعد الإشارة الى اغتيال محمد عبد الرحمن : «استلم بعد ذلك السلطة ابناء ناتي مللت ، محمد العادل [العدلاء في التاريخ ـ ه. ل] ومحمد حماد في ٩٠٨ ه (١٥٠٢ م) ، وحكموا مدة اربعة عشر عاما ، وهو التاريخ الذي حاقت به مصيبة آسكيا». ولقد رأينا أن مقام سلاطين آيير كان بالتتالي : أسّوله ، تادليزه ، نيتشمان وآغادس وكان المقر في آغادس عندما قدم آسكيا الى آيير لأول مرة سنة ١٥٠٠ ، وهذا ما ينسجم مع الحملة ضد «تدلز» في آيار في الحوليات. ومن جهة أخرى نحن نعرف أنه في عام ١٥٠٢ قدم المغيلي الى هذه المدينة ليزور السلطان. أما إقامة السلاطين في نيتشمان ، كما توحي بذلك الحولية ، فلم تكن طويلة ، هذا وإذا قبلنا بأن الحسن الوزان مر بتومبوكتو سنة ١٥١٣ وأنه ذكر حينئذ سيطرة آسكيا على آغادس ، فيمكننا أن نستنتج من ذلك من ناحية أخرى ، أنه بين ١٥٠٢ م و ١٥١٣ أصبحت آغادس عاصمة سلاطين آيير وإن أول حملة يقوم بها آسكيا ، من ناحية أخرى ، حدثت على وجه الدقة ، سنة ١٥٠٠ ، لأن الثانية تعود لعام ١٥١٥ ، وأن الوزان لم يستطع ذكر سلطة آسكيا على آغادس. وهكذا تتفق كتب التاريخ مع حوليات آغادس ونص الحسن الوزان. وحوالي نفس الفترة جرى بناء أول جامع ، وليس الجامع الموجود اليوم ، والمؤرخ في أواسط القرن التاسع عشر ، بل الجامع الذي رآه بارت عند زيارته والذي كان له وضع مأثل جدا. وإذا كانت دهشته من أن آسكيا ذهب إلى آيير مع فاصل زمني مقداره أربعة عشر عاما ، فإن الوقائع تصبح مفهومة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن محمد بن عبد الرحمن الذي أعلن خضوعه حوالي سنة ١٥٠٠ ، قد اغتيل سنة ١٥٠٢. ولا تعطى الحولية سببا لهذا الاغتيال ، ولكن يمكن الافتراض أنه كان هناك سبب ونتيجة ، وأن هذا الخضوع كان ينص على جزية ثقيلة يجب دفعها ، وهذا هو السبب. أما خلفاؤه الذين حكموا في نفس الوقت مثل محمد العادل ومحمد الحماد واللذان كانا وراء هذا الاغتيال ، أو ربما كانا بطلي المعارضة ضد آسكيا ، فقد رفضا الدفع بالتأكيد ، والغالب أن هذا هو السبب الذي دفع بآسكيا لشن حملة ثانية على آيير ، ولكن هذه المرة ضد آغادس ، التي أصبحت عاصمة. وتقوم الحولية إن محمد بن تالاز هو الذي خلف عام ١٥١٦ ولدى فاتي مللت ، أي الحاكمين المشتركين اللذين ورد ذكرهما. وبما أن هذا التاريخ يعقب تاريخ الحملة السونغائية الثانية ، فإن من الممكن الظن بأن هذين الاثنين قتلا في المعركة أو أنهما أبعدا عن السلطة ، أو أن آسكيا قد أعدمهما ، وهو ما كان منسجما مع أخلاق العصر ونتيجة لمحاولتهما التملص من سيادة غاءو التي أقر بها سلفهما. وعندئذ كان على آسكيا أن يترك حامية عسكرية أو نوابا عنه في آغادس ، الذين أرسوا قواعد المستعمرة السونغائية ، والذين يحس بأثرها حتى أيّامنا. وبعد أن رتبنا الأحداث ، فإنه لا حاجة للتنويه بأن حملة آسكيا ضد ابن سوني علي ، اللاجىء في آيرو ، كما تصور ذلك دولافوس (ج. ، ص ٨٩) تسقط لتجنبها الصواب. وسنلاحظ أيضا أن في حولية آغادس ، قيل إن القبائل الخمس في الحلف كانت المهيمنة على كل الجزء الجنوبي من آيير وربما على كل الكتلة الجبلية «من بارغو إلى تيغيّده وإلى آدر بيسيّنات». وقد أشير إلى هذه المواقع على أنها آبار متاخمة للقسم الجنوبي من آيير ، أما بوركو ، فكان الموقع الأكثر بعدا نحو الشرق ، تماما على تخم صحراء التينيره وتيغيد انتسوت ويجب أن نعي هذه الناحية ، لأنه استنادا إلى رواية متداولة سجلها آبادي (مستعمرة النيجر ، باريس ١٩٢٧ ص ٢٧٦ هامش) ونفيد أن ملاحات تيغيده لم تكتشف إلا حوالي سنة ١٧٥٠ فإذا لم يكن المقصود تيغيدا تنسمت فإنه لا يمكن اعتبار دتغيد انتناغائيت أو تيغيدّ ان أدرار تخما غربيا لمنطقة آيير ، من ناحية ، وعلى طريق غاءو إلى آيير من ناحية أخرى ، وهو نهاية الخط في كلا الاتجاهين ـ ه. ل H.Lhote.