أيضا كمفرش. وهؤلاء أناس لا ديانة لهم ، لا نصرانية ، ولا يهودية ، ولا اسلامية ، بل هم بلا إيمان كالحيوانات. ولهم نساء وأولاد على طريق الشيوع. وبناء على ما سمعته من تاجر عاش فى هذه البلاد ويفهم لغتها ، أنه لا يسمى الواحد منهم باسم خاص كما هو الشأن فى البلاد الأخرى ، وإنما يطلق عليه الوصف الخاص بقامته أو ببعض أجزاء جسمه. فإذا كان ذا قامة طويلة مثلا سمّي بالطويل ، وإذا كان قصر القامة سمى بالقصير. وإذا كان أحول العينين سمى الأحول. وهكذا يميز الناس بأوضاع أجسامهم الخاصة وما أصيبوا به.
وهذا الإقليم تحت قيادة أمير قوى جدا ، أصله من برداوه ، قوم من ليبيا (٩٠) ولديه قرابة ثلاثة آلاف فارس وما يقارب ذلك من المشاة لأن كل الشعب فى خدمته. وهو يقودهم حيث شاء ، لأنه لا يتطلب منهم أية ضريبة سوى عشر منتجات الأرض (٩١) ، وليس للملك من دخل سوى ما يوفره له النهب وقتل جيرانه الذين هم أعداؤه. وعدد السكان كبيرا جدا ويعيشون فيما وراء صحراء «سو». وكانوا فى الماضي يجتازون هذه الصحراء سيرا على الأقدام ويخربون كل مملكة بورنو. ولكن الملك الحالي استدعى تجارا من بلاد البربر لجلب خيول له كي يبادلوها بالعبيد ، أى حصان واحد مقابل خمسة عشر عبدا أو عشرين. وكان يقوم بواسطة هذه الخيول بحملة ضد العدو ويجعل التجار ينتظرون مدة شهرين أو ثلاثة ويعيشون في تلك الفترة على حسابه ، وعند عودته من حملته كان يجلب ما يكفي من عبيد ليسدد بهم ثمن الحيوان. ولكن قد يضطر هؤلاء في بعض المرات للانتظار حتى العام التالي لأن الملك لا يكون لديه ما يكفي من رقيق لتسديد حقوقهم ، ولا يمكن القيام بحملة ، بدون أن يتعرض لخطر ، إلا مرة في العام. وعندما قصدت هذه المملكة وجدت فيها عدة تجار بائسين ويودون العزوف عن هذه التجارة وألا يعودوا مطلقا إلى هذه البلاد ، لأنهم ينتظرون هنا منذ عام على أمل تسديد حقوقهم. غير أن الملك يتيه فخرا بثرائه وبالخزينة العظيمة التي يملكها ، ورأيت كل تجهيزات خيوله ، والمهاميز ، والركابات ، والأعنة
__________________
(٩٠) لنتذكر أن المؤلف يجعل من البرداوة أناسا بيض اللون من نفس عرق الطوارق ، في حين أنهم زنوج من عرق فريد هو التدا ، وتنقل الروايات المحلية لنا بالفعل أن التدا قدموا من كانم فقضوا على قوم الساءو أو اندمجوا بهم فتشكلت أقوام الكانوري أو البورتوان. انظر. ـ. بالمر. البورنو في الصحراء الكبرى والسودان. ج. موراى ، ١٩٣٦ م. وأ. ا. أورفوا. بتاريخ البورنو. مذكرة إيفان ، رقم ٧ ، باريس. دار لاروز ١٩٤٩.
(٩١) أي الضريبة الإسلامية الشرعية على ما تنتجه الأرض ، أي العشر.