ولكن منذ مائة عام خلت قام هؤلاء بنهب قافلة كانت تنقل السلع والأقوات إلى مكة ، فاستشاط سلطان مصر غضبا ، وأرسل عن طريق البحر الأحمر أسطولا احتل مدينة عيذاب ، وميناءها وخربها (١٠٨) وكان الميناء والمدينة تعود عليه بعوائد تقدر بمائة ألف شرفي ذهبي. ونجا البجاويون والتجأوا إلى دنقلة وإلى سواكن حيث يكسبون عيشهم قليلا قليلا. ولكن بعد قليل قام أمير سواكن ، بدعم من الأتراك المسلحين بالطبنجات وبالقسى ، وألحقوا بهم هزيمة منكرة إذ سقط منهم في خلال معركة واحدة أكثر من أربعة الاف قتيل من بين هؤلاء الرعاع الذين يعيشون عراة. كما اقتيد ألف منهم إلى سواكن حيث تولى ذبحهم النساء والأطفال.
ذلك هو كل ما قدرت أن أكتبه بإيجاز عن بلاد السودان. ولا يمكن إعطاء معلومات أكثر تفصيلا عنه ، لأن كلا من هذه الممالك الخمس عشرة تشابه الأخرى فى طيعة بلادها وفى حضارتها ، وعادات السكان ونمط حياتهم. وهم تحت حكم أربعة ملوك (١٠٩).
وسأتابع الآن حديثى عن مصر.
__________________
(١٠٨) لم يمكن العثور على آثار عن مدينة عيذاب ، ولا زال موقع المدينة غير مؤكد ، وقد تخربت عيذاب حوالى العام ١٤٢٥ م.
(١٠٩) أي من قبل ملك تومبوكتو ، ملك بورنو ، ملك غاوغة ، وملك النوبة.