كبيرة من فولاذ ، حتى إن كل سفينة قد تمر من جانب هذه المرآة تشتعل حالا إذا كشفت المرآة ، ولكن هذه المرآة تلفت في العصر الذي وصل فيه المسلمون إلى أفريقيا وتقول الأسطورة إنها تخربت على يد يهودي فركها بالثوم (٥٠).
ولا زال يوجد في الإسكندرية ، بين سكانها القدامى ، الكثير من أولئك النصارى الذين يدعون اليعاقبة. ولهم كنيسة خاصة بهم ، وقد أعيد بناؤها عدة مرات ، ولا تزال قائمة في أيامنا ، وسبق أن دفن فيها جسد القديس مرقص الرسول الذي سرق غدرا عام ٨٢٩ م على أيدي تجار بنادقة ونقل إلى البندقية. وكل أولئك اليعاقبة تجار وصناع ويدفعون جزية لملك القاهرة. ولا يجوز أن نغفل ذكر مكان في قلب المدينة في وسط الأطلال ، فيه بيت صغير منخفض ، كأنه نوع من مسجد ، يقع فيه ضريح مبجل جدا ومكرم عند المسلمين ، حيث توقد الأنوار فيه ليلا ونهارا. ويقال إن هذا هو قبر الإسكندر الكبير ، الذي كان نبيا وملكا كما ورد في القرآن الذي نزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم (٥١). ويأتي الكثير من العربان من أقطار بعيدة لرؤية هذا الضريح وللقيام ببعض التضرعات ، ويتركون عنده صدقات عظيمة جدا (٥٢).
وأحجم عن الكلام من ذكر أشياء أخرى كثيرة بارزة كيلا أزيد حجم هذا الكتاب ، الذي سيصبح حينئذ مملا وثقيلا على القارىء.
مدينة أبي قير
وهي مدينة صغيرة قديمة بنيت على ساحل البحر المتوسط على مسافة ثمانية أميال تقريبا شرقي الإسكندرية (٥٣). وقد تخربت في أيامنا ولا زال هناك الكثير من أنقاض
__________________
(٥٠) كان عمود بومبي ، وهو قطعة صخر واحدة بطول ٢٢ م ، وارتفاعه الكلي ٣٠ م ، كان يؤلف جزءا من عمارة واسعة أثرية سبق أن تخربت مع أربعمائة عمود من ذوات الأبعاد العادية في عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي ، في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وقد خلط المؤلف بسرده أسطورة المرآة الحارقة بين عمود بومبئى وبين الفنار ، مع أنه يستحيل الصعود إليه عمليا ، إلا أن قمته كانت تحوي شيئا لا يمكن تعريفه.
(٥١) «لم يرد ذكر الإسكندر في القرآن باسمه الصريح بل ورد بصفة ذي القرنين» (المترجم).
(٥٢) لقد احتفى قبر الإسكندر ولا يعلم أحد عن مكانه شيئا ، ويظن أنه كان في مكان كوم الديماس ، في الغرب قرب جامع النبي دانيال الحالي ، والنص القرآني المقصود هو في سورة ١٨ آية ٣٢ إلى ٩٨. [صوابه آيات ٨٣ إلى ٩٨] (المراجع).
(٥٣) الحقيقة على مسافة ٢٣ كم ، وأكثر من أربعة عشر ميلا بقليل.