الطابق العلوي مثقوبا بفتحة. ويوقدون نارا هادئة تحت هذه الأجهزة. وبعد سبعة أيام تبدأ الفراخ بالتفقيس بأعداد كبيرة. وتجمع هذه الفراخ في أوعية كبيرة وتباع مستخدمين كيلا بدون قعر يوضع في سلة المشتري. ويملأ هذا الكيل بالكتاكيت وعندما تمتلىء ترفع. ويدفع المختصون بتفقيس هذه الفراخ ضريبة عالية للسلطان (١١٤). ويحتفظ أصحاب المطاعم بدكاكينهم مفتوحة حتى منتصف الليل ، بينما يغلق الآخرون قبل الساعة الثالثة والعشرين ويذهبون من ربض لآخر كي يتروضوا ويمرحوا في المدينة.
* * *
هذا ويخلو الحياء من أحاديث سكان القاهرة. ولنضرب صفحا عن كل هذه العيوب ، ولكن لنذكر أن كثيرا ما تشتكي زوجة ما أمام القاضي من أن زوجها لا يقوم كل ليلة كما يجب بوظيفته الزوجية. وكثيرا ما يكون هذا سببا للطلاق ، والزواج مرة ثانية ، وهذا ما سنقوله بعد في الكتاب الصغير الحاضر عن الشريعة المحمدية ويؤكد كاتب هذه السطور أنه رأى في القاهرة أشياء على درجة من القبح تجعله يستحي من الكلام عنها.
* وحينما يحدث أن يقوم واحد من الصناع ، في مهنته ، بإنتاج شيء جميل يدل على الابتكار ، الذي لم يسبق أن رأى أحد له مثيلا ، يكسى بعباءة من قماش الحرير ، ويطوفون به من دكان لدكان ، مصحوبا بموسيقيين ويعطيه كل منهم شيئا من المال. وقد رأيت في القاهرة رجلا حاز على هذه التشريفات الاقتصادية لأنه صنع سلسلة لبرغوث كان يمسك به مكبلا فوق ورقة. وكان أحد رفاقه يريه للناس ويجمع النقود. كذلك رأيت ضربا من البراعة قام به أحد السقائين الذين يتجولون حاملين قربا معلقة برقابهم. فقد راهن صاحبنا آخر بأنه سيحمل قربة من جلد عجل ، مليئة بالماء ومربوطة بسلسلة من حديد عدة أيام ، وفي أثناء سبعة أيام متتاليات ، من الصباح إلى المساء ، ظل يحمل هذه القربة المعلقة بسلسلة تمر فوق كتفه العاري ، إلى أن ربح الرهان. وقد تلقى تكريمات النصر الباهر ، مع مواكبته بمختلف الموسيقيين وبكل
__________________
(١١٤) وهي صناعة مصرية وطنية تعود لأقدم عصور التاريخ.