الرقة ، ولكنه خشن نوعا ما حتى ليقال إنه مصنوع من الشعر. وبفضل هذا البرقع يستطعن رؤية الرجال دون أن يمكن التعرف عليهن. وينتعلن في أقدامهن خفا أو أحذية جميلة على الطراز التركي. وهذه النسوة عاليات الكلفة كثيرا ويعلقن أهمية كبرى على ما يقال ، حتى إنه لا توجد واحدة منهن تقبل أن تغزل ، ولا أن تخيط الثياب ، أو تطهو الطعام. ولهذا يجب على الزوج أن يشتري من الخارج الطعام الجاهز المطبوخ من محلات الطباخين والشوائين. والقليل من الناس هم الذين يصنعون طعامهم ببيوتهم ، باستثناء العائلات الكثيرة العدد. وتتمتع هذه النسوة بحرية كبيرة وبالكثير من الاستقلال. وهكذا فعندما يذهب الزوج إلى دكانه ، تلبس الزوجة ثيابها وتتعطر ، ثم تستأجر حمارا وتذهب لتتنزه في المدينة ولزيارة أهلها وأصدقائها.
وإليكم بعض التفاصيل عن الحمير التي تركبها النساء والرجال. ففى القاهرة توجد جماعة من الناس تعيش من مهنة تأجير الحمير. ولديهم من أجل ذلك حيوانات كبيرة مدربة لها مظهر الرهاوين (١١٢) وتكون مزدانة ببراذع جميلة. ويؤجرونها مع أحد غلمانهم كسائق ومع الركابين (١١٣). وفي القاهرة عدد كبير جدا من الأشخاص الذين لا يمشون ربع ميل على أقدامهم. وفي هذه المدينة كما فى كثير من المدن الأخرى عدد لا يحصى من الذين يتجولون طيلة النهار ، وهم يبيعون أشياء مختلفة كالفواكه والجبن واللحم النيىء والمشوي ، والسلع الأخرى من هذا الصنف. ويوجد كذلك عدد كبير من الرجال الذين يحملون على الجمال كميات من القرب المليئة بالماء ، لأن المدينة تقع ، كما قلت ، على مسافة ميلين من النيل. ويحمل رجال آخرون قربا معلقة برقبتهم ، وهذه القربة مزخرفة بتزيينات وفتحتها مجهزة بأبنوبة من النحاس الأصفر. ويحملون بيدهم طاسة رشيقة منقوشة بصورة فنية ويسيرون منادين على مائهم. ويدفع الزبون نصف فلس من عملتهم المحلية.
ويرى الإنسان كثيرا من باعة «الكتاكيت» يتجولون في المدينة ويبيعونها بالكيل لا بالوحدة حسب عادة البلد ، ولهؤلاء الناس أسلوب مدهش لتفقيس الفراخ. وهم يأخذون ألف بيضة أو أكثر ويضعونها جميعا في نوع من أفران متعددة الطوابق ، ويكون
__________________
(١١٢) أى تمشي رهوا وهو سير لا يتعب الراكب كثيرا
(١١٣) الركابى هو الذى يساعد الفارس على الركوب وعلى النزول وكان يحمل الحقائب أو صرر الثياب.