في كل أفريقيا وآسيا ، باستثناء البلاد التي يحكمها الصوفي (١١٨). فسكان هذا القطر الأخير لا يتبعون قاعدة الأشعري ، ولا أيا من المذاهب الأربعة ، ولهذا يعتبرون رافضة. وسيكون طويلا وباعثا على السأم إذا أردنا تفسير الأسباب التي تعلل الاختلافات في الرأي التي حدثت بين هؤلاء العلماء. ولقد عرفتها في كتاب صغير كتبته عن الإيمان والشريعة المحمدية استنادا إلى مذهب الإمام مالك (١١٩) ، وهو رجل على قدر عظيم من الذكاء والمعرفة العالية ، ولد في مدينة النبي ، أي في المدينة التي دفن فيها محمد (صلّى الله عليه وسلّم). ومذهبه متبع في كل إفريقيا ، كما نجده أيضا في مصر ، وفي سورية ، وفي جزيرة العرب ، ومن يجد فائدة في معرفة المزيد فليس عليه سوى قراءة ذلك المؤلف ، وسيحصل على كل بغيته.
والعقوبات المفروضة على المفسدين في مصر قاسية ومؤلمة ، ولا سيما التي تصدر في محكمة الملك. فالذي يسرق يشنق. والذي يرتكب جناية قتل غدرا يتعرض للعقاب التالي : يمسك به أحد اعوان الجلاد من قدميه ، ويمسك الآخر برأسه ، ويمسك منفذ الإعدام المسلح بسيف في يديه. ويقطع الجسم الى قسمين. ويوضع القسم الأعلى فوق كومة من الكلس الحي وقد يعيش مدة عشرين دقيقة مستمرا في كلامه. وهو شيء رهيب عند المنظر وعند السماع (١٢٠). اما القتلة والمتمردون فيسلخ جلدهم وهم أحياء كما يحشى جلدهم بالنخالة ويخاط ، بحيث يكون له مظهر رجل عادي. ويوضع هذا التمثال على جمل ويطاف به في كل المدينة مع المناداة على الجرم الذي اقترفه هذا المعاقب. وهذا هو أفظع عقاب قضائي رأيته في العالم لأن المحكوم يتعذب كثيرا قبل ان يموت وذلك أنه يظل يتعذب وهو يسلخ حيا ، ولا يموت الّا حينما تصل سكين السلخ الى سرته ، فحينئذ يقضى عليه فورا. ولكن هذا لا يمكن ان يحدث الّا بناء على أمر خاص من السلطة العليا.
__________________
(١١٨) ولد أبو الحسن علي الأشعري عام ٨٧٣ م في البصرة وتوفي في بغداد سنة ٩٣٥ م. ولم يقف بحثه عند حد العقيدة بل تعرض كذلك إلى المسائل العملية التي تتعلق بسلوك المسلمين في حالات معينة. وقد اتخذ الإسلام السني وجهات نظره عن مسئولية الإنسان الشخصية ، وعن الصفات الإلهية ، وعن القرآن الخالد وغير المخلوق ... الخ. والصوفى هو شاه فارس.
(١١٩) هو مذهب الإمام مالك بن أنس.
(١٢٠) يبدو هذا الامر مستحيلا من الناحية الفيزلولوجية ، غير أنه قد تأكد في أماكن أخرى. وكان هذا العقاب دارجا ، ويدعي عقوبة الوسط ، كعقاب قطع الرأس بالمقصلة في أوربا.