كما يوجد لدى أمراء الترك في أوروبا ويستخدمونه في قوافلهم ، وكذلك الحال في افريقيا بالنسبة للعرب وسكان صحراء ليبيا ، كما يقتنى الملوك منها لنقل الأقوات والمتاع.
ولكن جمال افريقيا أفضل من جمال آسيا لأنها تحمل الوسق خلال أربعين أو خمسين يوما دون أن يكون من الضروري تقديم ما تأكله عند المساء : بل تحط عنها الرحال ويطلق سراحها لكي ترعى في البرية قليلا من العشب ، ومن الأشواك ، وبعض الأغصان. ولا يمكن عمل ذلك مع جمال آسيا.
وللذهاب في رحلة ما يجب أن يكون الجمل سمينا تماما. وقد أظهرت التجربة أن الجمل عند ما يسافر مدة خمسة أيام حاملا وسقه بدون طعام ، يختفي منه أولا شحم سنامه ، وبعد خمسة أيام أخرى يفقد شحم بطنه ، وبعد خمسة أيام أخريات يخسر شحم فخذيه ، وعند ما يفقد كل شحمه ، لا يستطيع أن يحمل مائة رطل (٤٦). ولهذا يعمد التجار الذين يستخدمون الجمال في آسيا إلى إعطائها في كل مساء نصيبا من العلف ، مما يضطرهم إلى أن يقتادوا مع كل جمل جملا آخر ينقل الأعلاف. وبهذا الأسلوب نجد الجمال ، في قوافل آسيا ، تمشي دوما وهي محمّلة ، سواء في الذهاب أو في العودة ، غير أنها تظل مع ذلك سمينة ، مع أنها تضاعف الرحلة. غير أن التجار الأفارقة الذين يقصدون ايثيوبيا (٤٧) لا يشغلون بالهم بالعودة ، لأن حيواناتهم تعود بلا حمل ، لأن ما يجلب من ايثيوبيا لا وزن كبيرا له بالقياس إلى ما حمل إليها. ويؤدى ذلك إلى أن تصبح الجمال هزيلة ، وتصبح ظهورها مليئة بالفروح عند ما تصل الى اثيبويا وعندئذ تباع ببعض الدنانير إلى أهل الصحراء الذين يجهدون فى إعادتها لحالتها الأولى.
ولا يحتاج التجار لعودتهم إلى نوميديا أو إلى بلاد البربر إلا لعدد قليل من الحيوانات معدّة لحملهم ولنقل الأقوات والذهب وبعض الأشياء الخفيفة
وهناك ثلاثة أصناف من الإبل. فجمال النوع الأول تدعى الهجن (٤٨) وهى
__________________
(٤٦) ٣٤ كغم.
(٤٧) أي السودان جنوبي الصحراء الكبرى ، أو افريقيا الغربية.
(٤٨) جمع هجين ، أي جمل من نوعية دنيا ، في حين أن الجمل الأصيل يحمل أيضا اسم هجان ومنها جاءت كلمة هجّان أو مهاري في المغرب ، والذي ورد في الكتاب السابق كناية عن البريد السريع.