فارس ويرمي الاسد بنفسه دون تردد على قطيع وينتزع منه فريسته التي يحملها الى الغابة او الي الكهف الذي يكون مأوى لصغاره. أما بالنسبة للرجال الفرسان ، كما قلت قبل قليل ، فقد يقتل منهم خمسة أو ستة. والأسود التي تعيش في الجبال الباردة أقل جرأة وشراسة ، فلا تكون مؤذية جدا ، وخاصة بالنسبة للإنسان. وعلى خلاف ذلك ، كلما كان الحر اكثر ، كانت هذه الحيوانات هائجة وجريئة. تلك هي حالة الاسود التي توجد بين تامسنة ومملكة فاس ، وفي صحراء انجاد قرب تلمسان ، وبين عنابة وتونس ، وهنا نجد أشهر الأسود وأكثرها قساوة في كل افريقيا. وفي الشتاء ، وعندما تكون الأسود في موسم اللقاح فإنها تثير فيما بينها معارك دامية ويا تعس من يصادفها وتظهر أحيانا عشرة إلى أثنى عشر أسدا تتبع نفس اللبوة.
وقد سمعت من كثير من الرجال ومن النساء أنه عندما تكون إمرأة وحدها في مواجهة أسد ، في مكان منعزل ، فما عليها إلّا أن تريه فرجها وعندئذ يطلق الأسد زئيرا شديدا ويخفض عينيه ويذهب لحاله. وليعتقد كل واحد ما يشاء. وأخيرا فإن كل ما يصطاده الأسد حتى لو كان جملا ، فإنه يحمله في شدقه. وفي مرتين كدت أن أكون فريسة أسود. ولكن بفضل لطف الله نجوت من الخطر في هاتين المرتين.
النمور
تعيش هذه الحيوانات (٦٩) في غابات بلاد البربر. وهي قوية وضارية ، ولكنها لا تتعرض للانسان بأذى ، الّا فيما نذر من الحالات حينما تصادف أحدهم في درب ضيق وحيث لا يستطيع الرجل أن يتزحزح عن الطريق. ولكنها تهاجم أي شخص يصرخ او يتحرش بها. وعندها يقفز الوحش على ظهر الرجل ويشرح وجهه بمخالبه ويقتلع من لحمه قدر استطاعته. وقد يهشّم أحيانا جمجمته ويقتله. والنمر لا يهاجم أبدا قطعان الماشية ، ولكنه عدو الكلاب اللدود فيقتلها ويفترسها. ومن عادة أهل جبال منطقة قسنطينة اصطياده على الحصان. فيقطعون عليه كل الدروب ، والنمر في محاولته الهرب يتجه نحو أحد هذه المخارج ، ولكن يجد عنده عددا من الفرسان ، فيجري نحو جهة أخرى ، ويجد منهم المزيد ، واخيرا وبعد أن يركض عبثا في كل الجهات ،
__________________
(٦٩) ويسمى الفهد في كل افريقيا الشمالية والغربية.