ولكن العرب الذين يشغلون الصحاري المجاورة لمملكتي تلمسان وتونس يعيشون جميعا حسب أسلوب شيوخهم. ويتلقى كل أمير من أمرائهم معونات هامة من الملك ويوزعها في عشيرته لتحاشى الشقاقات وللحفاظ على السلام وعلى الوحدة. ويجب هؤلاء العرب أن يظهروا بثياب جيدة وبأن تكون خيولهم جيدة التسريج. وخيامهم كبيرة وجميلة. ومن عادتهم أن يقصدوا تونس في كل صيف كي يمتاروا منها. وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر) وبعد أن يكونوا قد حصلوا على كل ما هم بحاجة إليه من أقوات وأقمشة وسلاح يعودون أدراجهم إلى الصحراء حيث يمضون الشتاء. وبعدئذ أي في الربيع يتلهون بالصيد بواسطة كلاب وصقور ، ويطاردون في صيدهم كل نوع من الحيوانات أو الطيور البرية. وقد أقمت عندهم عدة مرات وحصلت منهم على الكثير من ألأقمشة واوعية من النحاس ومن النحاس الأصفر (١٥٧). ولكن لا ينبغي الاطمئنان إلى هؤلاء الناس ، لأنهم قد يسلبونك ويقتلونك مطمئنة نفوسهم إلى سلبك وقتلك على الرغم من المبالغة في مجاملتهم لك.
وهم يحبون القريض ويرددون في عربيتهم الدارجة ابياتا انيقة جدا على الرغم من ان لهجتهم قد حرفت عن اصولها. ويحترم الامراء أي شاعر له بعض الشهرة ويمنحونه جوائز جزيلة. ولست قادرا على التعبير عن النقاوة والجمال اللذين يسكبونهما في ابياتهم. وتكتسي نساء هؤلاء الاعراب كساء جميلا للغاية حسب طراز البلاد. وتتألف ثيابهن من قميص اسود عريض الكمّين يضعن فوقه خمارا من نفس اللون او من لون ازرق. ويتغطين بهذا الخمار ويلففن به اجسادهن بصورة تصل معها حافته الى الكتفين من امام ومن خلف ، وهنا يكون مثبتا بدبابيس فضية مصنوعة بشكل فني رفيع. ويضعن في آذانهن اقراطا من فضة على شكل حلقات وخواتم في اصابعهن. ويضعن كذلك في سيقانهن خلاخيل طبقا لعادة الافارقة. ويضعن على وجوههن نقابا هو عبارة عن قطعة قماش صغيرة مثقوبة تجاه العينين. وعندما يظهر امامهن رجل غريب لا يمت لهن بصلة قرابة ، فانهن يسرعن في اخفاء وجوههن بهذا الحجاب ويصمتن. ولكن يرفعن هذا الحجاب عندما يكن مغ از وجهن واقاربهن.
ولما كان العرب ينتجعون من مكان لآخر ، فهم يعمدون الى إركاب نسائهم فوق
__________________
(١٥٧) يمكن الافتراض أن المؤلف يقدم لنا لوحة صغيرة عما لاحظه عند عرب عشرة حكم ، أو الحكم ، أو الحاكم الذين كانوا يقيمون بين سوسه والجم والتي اعتبرها في عداد القبائل التي قدمت مع الزحف الهلالي.