في مصر وأثيوبيا وفي بلاد العرب وفارس وفي الهند وتركيا ، وحيثما ذهبوا ، يكونون موضع الاحترام والتبجيل ، لأنهم مزودون بحذق كبير في المهن التي يمارسونها. وفضلا عن ذلك يتصفون بأنهم محتشمون وشرفاء في حديثهم ، ولا يتفوهون أبدا بكلمات غير لائقة أمام الآخرين. ويعبر الأصغر عن احترامه للأكبر منه ، سواء في المحادثة أو في أية مناسبة أخرى. ويبلغ هذا الاحترام درجة تحول بين الشاب وبين الكلام عن الحب أو عن الفتاة التي يحبها بحضور والده أو عمه. كما أنه يستحي أن ينشد قصيدة حب وغناء بمجرد أن يرى أخاه الأكبر. وعندما يصل الأولاد لجوار أناس يتكلمون عن الحب ، يغادرونهم حالا. تلك هي العادات الطيبة وتقاليد التربية الجيدة التي تجدها عند سكان مدن البربر.
ويتصف الناس الذين يسكنون الخيام ، أي العرب والرعاة (٢٢٩) بأنهم رجال كرماء ، مفعمون بالرحمة ، شجعان ، صبورون ، طيبو المعشر ، يؤلفون ، طيبو السيرة ، مطيعون ، متدينون ، ومحبوبون مع طبع مرح. وسكان الجبال كرماء أيضا ، شجعان ، طيبو الحديث ، شرفاء في حياتهم العامة.
أما سكان نوميديا فهم أكثر تهذيبا من السابقين ، لأنهم يتمسكون بقواعد الأخلاق ، ويدرسون الشريعة الاسلامية. ولكنهم لا يعرفون شيئا كبيرا عن العلوم الطبيعية. وهم رجال مدربون على استعمال السلاح ، شجعان ، ولكنهم طيبون جدا.
هذا وسكان ليبيا ، الأفارقة منهم والعرب ، كرماء ، لطفاء ، ويعملون كل ما يستطيعون في سبيل أصدقائهم. وينظرون للغرباء نظرة ودودة. وقلوبهم طيبة وهم صادفون ومخلصون.
ويبدو الزنوج وديعين واوفياء ، ويستقبلون الاجانب بترحاب كبير. ويصرفون وقتهم في المتعة كي يحيوا حياة مرحة ، فيرقصون ، ويقيمون اكثر ما يمكن من المآدب ، ويزاولون كل ضروب التسلية. وهم صادقون جدا ، ويعاملون المثقفين والفقهاء باكبر قدر من التبجيل. وهؤلاء المثقفون والفقهاء هم الذين ينعمون باسعد الاوقات بين جميع من يلقونهم من الافارقة.
__________________
(٢٢٩) أي الشاوية.