الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم : ٨] أي : حالة تتعذر مداواتي فيها كقوله : [الكامل]
٢٥٠٧ ـ .......... |
|
ومن العناء رياضة الهرم (١) |
وقيل : العاتي : الجاسي أي اليابس. ويقال : عثا يعثو عثوّا بالثاء المثلثة من مادة أخرى ؛ لأنّه يقال : عثي يعثى عثيّا وعثا يعثو عثوّا ، [فهو في إحدى لغتيه يشاركه «عتا» بالمثناة وزنا ومعنى ، ويقاربه في حروفه. والعيث أيضا ـ بتقديم الياء من أسفل](٢) على الثاء المثلثة ـ هو الفساد ، فيحتمل أن يكون أصلا ، وأن يكون مقلوبا فيه.
وبعضهم يجعل العيث الفساد المدرك حسّا ، والعثيّ في المدرك حكما ، وقد تقدّم طرف من هذا.
ومعنى الآية : استكبروا عن امتثال أمر ربّهم وكذّبوا بنبيهم.
قوله : (وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا) يجوز لك على رواية من يسهّل الهمزة وهو ورش والسوسي أن تقلب الهمزة واوا ، فتلفظ بصورة «يا صالح وتنا» في الوصل خاصة تبدل الهمزة بحركة ما قبلها ، وإن كانت منفصلة من كلمة أخرى.
وقرأ عاصم (٣) وعيسى بن عمر «أوتنا» بهمزة وإشباع ضم ولعله عاصم الجحدريّ لا عاصم بن أبي النجود ، وهذه القراءة لا تبعد عن الغلط ؛ لأن همزة الوصل في هذا النحو مكسورة فمن أين جاءت ضمة الهمزة إلّا على التوهّم؟
قوله : «بما تعدنا» العائد محذوف أي : «تعدناه» ولا يجوز أن تقدر «تعدنا» متعديا إليه بالباء ، وإن كان الأصل تعديته إليه بها ، لئلا يلزم حذف العائد المجرور بحرف من غير اتّحاد متعلقهما لأن «بما» متعلّق ب «الإتيان» ، و «به» متعلق ب «الوعد» ثم قالوا (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وإنما قالوا ذلك ؛ لأنّهم كانوا مكذبين في كل ما أخبر عنه من الوعد والوعيد.
قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) قال الفراء والزجاج هي الزلزلة الشديدة يقال رجفت الأرض ترجف رجفا ورجيفا ورجفانا قال تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) [المزمل : ١٤].
وقال اللّيث : الرّجفة : الطّامة التي ينزعزع لها الإنسان ويضطرب. ومنه قيل للبحر رجّاف لاضطرابه.
وقيل : أصله من رجف به البعير إذا حركه في سيره ، كما يرجف الشجر إذا رجفه الريح.
__________________
(١) البيت ينظر : عيون الأخبار ٢ / ٣٦٩ ، وشرح المفضليات ١ / ٦٥ ، اللسان (جسا) ، الدر المصون ٣ / ٢٩٥.
(٢) سقط من أ.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٣٤ ، والدر المصون ٣ / ٢٩٥.