اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٩ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

كثرة النّعم فتوهموا أنّهم على الحقّ ، فذكرها الله ـ تعالى ـ لقوم محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليحترزوا عن مثل تلك الأعمال ، ثم قال : (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ).

قوله : (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا) الظّاهر أنّ الضّمائر عائدة على أهل القرى.

وقال يمان بن رئاب : «إنّ الضميرين الأوّلين لأهل القرى ، والضّمير في «كذّبوا» لأسلافهم. وكذا جوّزه ابن (١) عطية أيضا أي : «فما كان الأبناء ليؤمنوا بما كذّب به الآباء» ، وقد تقدّم الكلام على لام الجحود ، وأنّ نفي الفعل معها أبلغ.

و «ما» موصولة اسميّة ، وعائدها محذوف ؛ لأنّه منصوب متّصل أي : بما كذبوه [ولا يجوز أن يقدر به وإن كان الموصول مجرورا بالباء أيضا لاختلاف المتعلق ، وقال هنا «بما كذبوا»](٢) فلم يذكر متعلق التكذيب ، وفي «يونس» ذكره فقال : (بِما كَذَّبُوا بِهِ) [يونس: ٧٤] ، والفرق أنّه لمّا حذفه في قوله : (وَلكِنْ كَذَّبُوا) [الأعراف : ٩٦] استمرّ حذفه بعد ذلك ، وأمّا في يونس فقد أبرزه في قوله : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ) [يونس : ٧٤] (كَذَّبُوا بِآياتِنا) [يونس : ٧٣] فناسب ذكره موافقة قال معناه الكرمانيّ.

فصل في معنى (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا)

قال ابن عباس والسّدّيّ : «فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا عند إرسالي بما كذبوا به يوم أخذنا ميثاقهم حين أخرجوا من ظهر آدم فآمنوا كرها وأقرّوا باللّسان وأضمروا التّكذيب» (٣).

وقال الزّجّاج (٤) : «فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية تلك المعجزات بما كذّبوا قبل رؤية المعجزات».

وقيل : معناه ما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ورددناهم في دار التكليف ليؤمنوا بما كذّبوا به قبل إهلاكهم ، ونظيره قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) [الأنعام : ٢٨].

[وقيل : إنه قبل مجيء الرسول كانوا مصرين على الكفر فهؤلاء ما كانوا ليؤمنوا بعد مجيء الرسل](٥) وقيل : ليؤمنوا في الزّمان المستقبل.

قوله : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ).

قال الزّجّاج : والكاف في «كذلك» في محلّ نصب [أي : مثل ذلك الطبع على قلوب أهل القرى المنتفي عنهم الإيمان يطبع الله على قلوب الكفرة الجانين](٦).

قوله تعالى : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(١٠٢)

قوله : «لأكثرهم» فيه وجوه :

__________________

(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٣٤.

(٢) سقط من ب.

(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ١٢) عن السدي.

(٤) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ١٥٣.

(٥) سقط من ب.

(٦) سقط من ب.