فقيل هما بمعنى واحد وهو : الميل والانحراف ، ومنه : لحد القبر ؛ لأنّه يمال بحفرة إلى جانبه ، بخلاف الضّريح ؛ فإنّه يحفر في وسطه.
ومن كلامهم ، ما فعل الواحد؟ قالوا : لحده اللّاحد ، وإلى كونهما بمعنى واحد ذهب ابن السّكيت وقال : هما العدول عن الحقّ ، وألحد : أكثر استعمالا من «لحد» ؛ قال : [الراجز]
٢٦٣٦ ـ ليس الإمام بالشّحيح الملحد (١)
وقال غيره : «لحد : بمعنى : ركن وانضوى ، وألحد : مال وانحرف» قاله الكسائي ونقل عنه أيضا : ألحد : أعرض ، ولحد : مال.
قالوا : ولهذا وافق حمزة في النّحل إذ معناه : يميلون إليه.
وروى أبو عبيدة عن الأصمعي : «ألحد : مارى وجادل ، ولحد : حاد ومال».
فصل
ورجّحت قراءة العامّة بالإجماع على قوله : (بِإِلْحادٍ) [الحج : ٢٥].
وقال الواحديّ : ولا يكاد يسمع من العرب لاحد ، يعني : فامتناعهم من مجيء اسم فاعل الثلاثي يدلّ على قلّته وقد تقدم من كلامهم «لحده اللّاحد». ومعنى الإلحاد فيها أن اشتقّوا منها أسماء لآلهتهم فيقولون «اللّات» من لفظ الله ، و «العزّى» من لفظ العزيز ، و «مناة» من لفظ المنّان ، ويجوز أن يراد سمّوه بما لا يليق بجلاله ، مثل تسميته أبا للمسيح ، وكقول النصارى : أب ، وابن ، وروح القدس.
ثم قال : «سيجزون ما كانوا يعملون» وهذا تهديد ووعيد لمن ألحد في أسماء الله.
قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) الآية.
«من» يجوز أن تكون موصولة أو نكرة موصوفة ، و «يهدون» صفة ل «أمّة».
وقال بعضهم : في الكلام حذف تقديره : وممّن خلقنا للجنّة ، يدلّ على ذلك ما ثبت لمقابلهم وهو قوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ).
فصل
المراد بالأمة العلماء.
قال عطاء عن ابن عبّاس : يريد أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم وهم المهاجرون والأنصار والتّابعون لهم بإحسان (٢).
__________________
(١) البيت لأبي نخيلة ، وقيل لغيره : ينظر الكتاب ٢ / ٣٧١ ، ابن يعيش ٣ / ١٢٤ ، الإنصاف ١ / ١٣١ ، الهمع ١ / ٦٤ ، الكشاف ٢ / ١٣٢ ، البحر ٤ / ٤١٧ ، الدر المصون ٣ / ٣٧٦.
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٥ / ٦٠) عن ابن عباس.