يحصل منهم التعاون على القتال ، والتحريض كالتحضيض والحث.
يقال : حرّض وحرّش وحرّك وحثّ بمعنى واحد.
وقال الهرويّ «يقال : حارض على الأمر ، وأكبّ ، وواكب ، وواظب ، وواصب بمعنى».
قيل : وأصله من الحرض ، وهو الهلاك ، قال تعالى : (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) [يوسف : ٨٥].
وقال : [البسيط]
٢٧٣٧ ـ إنّي امرؤ نابني همّ فأحرضني |
|
حتّى بليت وحتّى شفّني سقم (١) |
قال الزجاج (٢) : «تأويل التحريض في اللّغة أن يحثّ الإنسان على شيء حتى يعلم منه أنّه حارض والحارض : المقارب للهلاك ، واستبعد النّاس هذا منه ، وقد نحا الزمخشريّ نحوه ، فقال : «التّحريض : المبالغة في الحثّ على الأمر ، من الحرض ، وهو أن ينهكه المرض ، ويتبالغ فيه حتى يشفي على الموت أو تسمّيه حرضا ، وتقول له : ما أراك إلّا حرضا».
وقرأ الأعمش (٣) «حرّص» بالصاد المهملة ، وهو من «الحرص» ، ومعناه مقارب لقراءة العامة.
قوله : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ) الآيات.
أثبت في الشرط الأول قيدا ، وهو الصبر ، وحذف من الثاني ، وأثبت في الثاني قيدا ، وهو كونهم من الكفرة ، وحذف من الأوّل ، والتقدير : مائتين من الذين كفروا ، ومائة صابرة فحذف من كلّ منهما ما أثبت في الآخر ، وهو في غاية الفصاحة.
وقرأ (٤) الكوفيون : «وإن يكن منكم مائة يغلبوا» ، «فإن يكن منكم مائة صابرة» بتذكير «يكن» فيهما ، ونافع وابن (٥) كثير وابن عامر بتأنيثه فيهما ، وأبو عمرو في الأولى كالكوفيين (٦) وفي الثانية كالباقين.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٢ / ٤٦٩.
(٣) حكاها الأخفش.
ينظر : الكشاف ٢ / ٢٣٥ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٩ ، البحر المحيط ٤ / ٥١٢ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٥.
(٤) ينظر : السبعة ص (٣٠٨) ، الحجة ٤ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، حجة القراءات ص (٣١٢ ـ ٣١٣) ، إعراب القراءات ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، إتحاف ٢ / ٨٣ ، النشر ٢ / ١٧٧.
(٥) انظر السابق.
(٦) وقرأ بها كذلك يعقوب ووافقهما اليزيدي والحسن.
ينظر : السبعة ص (٣٠٨) ، الحجة ٤ / ١٦٠ ، حجة القراءات ص (٣١٣) إعراب القراءات ١ / ٢٣٢ ، إتحاف ٢ / ٨٣.