ثلاثة أقسام : ففي القسم الأوّل يحرم البيع منه مطلقا ـ على القول بوجوب الدفع ـ لأنّ المفروض أنّ كلّ مصداق منكر مستقل يجب دفعه ، وأما في القسمين الآخرين فهل يجوز البيع منه إلّا فيما انحصر البائع فيه لأنّ دفع المنكر حينئذ غير مقدور عليه لوجود بائع آخر أو لا يجوز لأنّ الدفع يجب على كل واحد منهم ولو بمنع الغير عن المخالفة؟ وانتقاض الدفع الواجب غير جائز شرعا وعقلا لكونه مخالفة للأمر. ومجرّد بناء الغير على انتقاضه لا يكون عذرا ، فالبائع الواحد وإن لا يقدر على الدفع المطلق لكنه قادر على انتقاض الحكم ومخالفته ، وهذا كاف في تحقق المعصية منه.
فلو أمر المولى عبيده بدفع السّارق عن سرقة ماله وتوقّف ذلك على بقاء الباب مسدودا ، وجب على كل واحد منهم دفعه بحفظ سدّ الباب ، فلو علم أحدهم أنّ بعض العبيد يريد فتح الباب وتمكين السارق لا يوجب ذلك البناء والعلم بفتحه على أيّ حال أن يكون هذا معذورا في فتح الباب ، فلو فتحه كان فاتح الباب عاصيا لا الباني على فتحه. وهذا بوجه نظير أن يتعذر قاتل مظلوم محقون الدّم بأنّه لا محالة كان مقتولا ولو لم يقتله لقتله غيره.
وتنظير المقام بحمل الجسم الثقيل غير وجيه ، فإنّ الواجب هناك حمل الثقيل ، وهو أمر بسيط لا يتحقق إلّا بالاجتماع ، فمع العلم بعدم اجتماعهم يكون إقدامه لغوا.
وأمّا في المقام فالواجب هو الدفع عن التخمير لأجل كونه مبغوضا ، وكلّ واحد منهم مستقل في القدرة على نقضه ، فمن نقضه أوّلا فهو عاص لا من بنى على نقضه. وإن شئت قلت : إنّ بيع الغير وتسليمه للعنب موجب لتعجيزه عن دفع المنكر لا بناءه عليه. فما لم يتحقق التسليم من الغير تكون القدرة على الدفع باقية له فإنّه قادر على إبقاء الدفع ونقضه ما دام الدفع لم ينتقض» (١) هذا.
__________________
(١) المكاسب المحرّمة للإمام الخميني (ره) ، ج ١ ، ص ١٣٧ (ـ ط. اخرى ، ج ١ ، ص ٢٠٦) ، في النوع الثاني من القسم الثاني.