أحدهما ظهور إطلاقي ، وهو ظهورها في سببية البول للوجوب بالسببية التامة الفعلية ، سواء وجد معه النوم مثلا أم لا ؛ وثانيهما ظهور عرفي غير مستند إلى الإطلاق وهو ظهور قوله : " إذا بلت" في كون كل فرد من البول سببا مستقلا لوجوب الوضوء في قبال الأبوال الأخر ، وهذا ظهور عرفي يفهمه العقلاء عند ملاحظتهم الأسباب العقلية والعادية الخارجية ، حيث يكون كل فرد منها سببا لوجود فرد من المسبب غير ما وجد بسبب الفرد الآخر ، وليس هذا الظهور مستندا إلى الإطلاق حتى يعارض بإطلاق المتعلق ، فهو القرينة على تقييد المتعلق ، وبذلك يفرق بين الأوامر المعلقة على الأسباب وبين الأوامر الابتدائية المتكررة ، حيث لا توجد فيها قرينة لتقييد المتعلق ، وبذلك يستشكل على تقديم التأسيس فيها على التأكيد. وجه الإشكال أن التأسيس يستلزم تقييد المتعلق والأصل عدمه.
هذا ما يستفاد من كلام الشيخ (قده) عند جوابه عما منع به الفاضل النراقي للمقدمة الثانية من المقدمات الثلاث التي بني عليها أساس استدلال العلامة ، ولكن يظهر منه ـ عند عنوانه لمسألة التداخل في مبحث اجتماع الأمر والنهي ـ أن ظهور قوله" إذا بلت" في كون كل فرد من أفراد البول سببا مستقلا أيضا ظهور إطلاقي ، فراجع التقريرات.
ثم إنّ ما ذكر من الظهور العرفي لا يوجد فيما إذا تعدد الشرط واختلفا في الجنس كالبول والنوم مثلا ، بل الثابت حينئذ هو الظهور الإطلاقي كما صرح به ، فيعارض حينئذ ظهور الشرط لظهور المتعلق ، ولا مرجح لأحدهما ، اللهم إلّا أن ينكر كون ظهور الشرط في السّببية التامة الفعلية ظهورا إطلاقيا ، وهو كما ترى.
كما أن إشكال سيدنا الأستاذ ـ مد ظلّه ـ بعدم ناظرية أحد الشرطين إلى الآخر أيضا يجري في مختلفي الجنس ، دون متحده ؛ لتسليمه إمكان الأمر بفردين من طبيعة واحدة بخطاب واحد ثبوتا ، وإن كان وجوب كل منهما استقلاليا ، فإذا أمكن ذلك ثبوتا حكمنا بتحققه لاستدعاء كل سبب مستقل مسببا مستقلا ، وعلى هذا فمقتضى كلام الشيخ (قده) وكلام السيد الأستاذ ـ مد ظلّه العالي ـ عدم التداخل في متحدي الجنس ، دون غيره عكس تفصيل الحلّي (قده). (١)
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٣٠٦.