فرد ؛ فإن العام يلحظ فيه مرآة للحاظ الأفراد التي هو الموضوعات حقيقة ، ولا دخالة لوصف العموم والاجتماع.
قلت : لا نسلم عدم لحاظ وصف العموم في مقام الحكم ، بل الحكم حكم واحد ، وموضوعه أمر وحداني وهو العام ، وليس هنا موضوعات متعددة وأحكام متكثرة مستقلة ، ولذا قالوا : إن نقيض السلب الكلي الإيجاب الجزئي ، ونقيض الإيجاب الكلي السلب الجزئي ، فافهم.»
أقول : ربما يقال في جواب الإشكال : إن العام وإن لوحظ مرآة للحاظ الأفراد ، ولكنه لا منافاة بين لحاظه كذلك في مقام الحكم ، وبين لحاظه أمرا وحدانيا في مقام التعليق ، فالحكم ثابت للأفراد ، والتعليق إنما هو بلحاظ المجموع ، وبالجملة : التفكيك بين مقام الموضوعية للحكم وبين مقام التعليق ممكن ثبوتا ، فيكون التبادر دليلا عليه في مقام الإثبات كما يظهر ذلك بالتأمل في مفهوم قولهم : لو كان معك الأمير فلا تخف أحدا ونحو ذلك من الأمثلة «انتهى».
ويرد عليه : أن المعلق ليس هو الموضوع حتى يقال بلحاظه في مقام التعليق أمرا وحدانيا ، بل المعلق في جميع التعليقات هو الحكم الثابت للموضوع ، والفرض أنه يسلّم انحلال الحكم وكثرته ، ولم يصدر عن المولى حكمان أحدهما على الأفراد والثاني على العام بما هو عام ، حتى يقال بكون التعليق بلحاظ الثاني ، فافهم.
فالحق في الجواب ما ذكره سيدنا الأستاذ العلامة ـ مد ظلّه ـ إذ ما اشتهر بينهم من أن العام في العمومات الاستغراقية ليس موضوعا حقيقة بل يكون مرآة للحاظ الأفراد ـ التي هي الموضوعات حقيقة ـ كلام خال عن التحصيل ؛ لاستلزامه صدور أحكام غير متناهية وتحقق إرادات غير متناهية أو غير محصورة فيما إذا حكم المولى بنحو القضية المحصورة ، أو صدور إخبارات غير محصورة فيما إذا أخبر كذلك. ويلزم عليه أيضا عدم كون الموجبة الجزئية نقيضا للسالبة الكلية وبالعكس ، وهو كما ترى. وقد حقق في محله أن القضية المحصورة برزخ بين الطبيعية وبين القضايا الشخصية ، وأن الحكم فيها يصدر بنحو الوحدة على موضوع وحداني ، من غير فرق بين الحكم الإنشائي والإخباري ، والتكثر يحصل بتحليل العقل. (١)
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ٣١١.