المديون بلا فحص مع احتمال التواطؤ جدّا. وقد حكى صاحب الجواهر في المقام كلاما عجيبا بنحو يظهر منه ارتضاوه ، وقد مر نظيره منه في باب الفقر أيضا. قال هنا ما هذا لفظه :
«وقد يقال في دفع الإشكال في المقامات الثلاثة : إن الحاصل من الكتاب والسنة وجوب دفع الزكاة لا وجوب دفعها للفقير أو للغارم أو للمكاتب. وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) إلى آخره إنما يدل على كون الصدقات لهم لا أن التكليف دفعها إليهم. وفرق واضح بين المقامين. نعم ورد : «لا تحلّ الصدقة لغنىّ» ونحوه مما يقضي بعدم جواز دفعها لغير الأصناف الثمانية ، وهو كذلك في المعلوم أنه ليس منهم ، أما غير المعلوم فيتحقق امتثال الأمر بالإيتاء بالدفع إليه لكونه أحد أفراد الإطلاق ، ولم يعلم كونه من أفراد النهي ، بل أصالة البراءة عن حرمة الدفع إليه يقتضي خروجه عنها. وبالجملة الغنى مانع لا أن الفقر شرط ، ولو سلّم كونه شرطا فهو محلّ لتناول الزكاة لا لدفعها ممن وجبت عليه لعدم الدليل بل مقتضى الإطلاق خلافه. وعلى هذا يتجه ما ذكره الأصحاب من قبول دعوى الفقر والكتابة والغرم ، ولذا قال المصنف : والأوّل أشبه.» (١) انتهى.
ومحصّل كلامه ـ قدسسره ـ أن المالك أمر بإيتاء الزكاة مطلقا لا بدفعها إلى الفقير والغارم ونحوهما. نعم ورد النهي عن دفعها إلى الغني وإلى من صرف الدين في المعصية ونحوهما ، أما غير المعلوم فيتحقق امتثال الأمر بالإيتاء بالدفع إليه لكونه أحد أفراد الإطلاق ولم يعلم كونه من أفراد النهي بل يجري فيه أصالة البراءة عن حرمة الدفع إليه ، نعم ليس لغير المستحق واقعا أخذها ، وهذا غير تكليف المالك. وليس الفقر مثلا شرطا بل الغنى مانع ، ولو فرض كونه شرطا فهو شرط لتناول الزكاة لا لدفعها إليه.
أقول : فكأنه ـ قدسسره ـ يجيز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص ، أو يكون المال المخرج زكاة عنده بمنزلة المال المطروح الذي يأخذه من يستحقه ويصدّق قول المدعي فيه بلا بينة ويمين إذ لا معارض له. ولا يخفى فساد ما ذكره ، إذ ليس المجعول في باب الزكاة مجرد شركة
__________________
(١) الجواهر ، ج ١٥ ، ص ٣٦٧.