وقال أيضا :
«كما أن المتقيد به الماهية في البشرط شيء والبشرط لا نفس المعنى المعتبر لا بما هو معتبر ولا اعتباره ، كذلك اللابشرط القسمي ، فإن قيد الماهية هو عدم لحاظ الكتابة وعدمها لا لحاظ عدم اللحاظ ، فهذه الاعتبارات مصححة لموضوعية الموضوع على الوجه المطلوب لا أنها مأخوذة فيه.» (١)
وقال في العام والخاص ما لفظه :
«أن العام ليس حكمه حكما جهتيا من حيث عنوان العالم مثلا فقط ؛ بل حكم فعلي تام الحكمية ، بمعنى أن العالم (وإن كان معنونا بأي عنوان) محكوم بوجوب الإكرام ، فيكشف عن عدم المنافاة لصفة من صفاته وعنوان من عناوينه لحكمه» (٢) «انتهى».
أقول : لا يخفى أن الحاكم بعد تصوره للعنوان الواجد للمصلحة ، كعتق الرقبة مثلا لا بد من أن يلاحظ انه واجد للمصلحة مطلقا معنونا بأيّ عنوان كان ، أو أن الواجد لها هو عتق الرقبة المقترنة بالإيمان مثلا ؛ فنفس تعلق اللحاظ بالماهية إجمالا لا يكفي في جعلها موضوعة أو متعلقة للحكم ، ما لم يلحظ أنها تامة المصلحة ، أو أنها جزء المحصل لها ، ولكنه بعد ما رأى أن عتق الرقبة تمام الموضوع في تحصيل المصلحة يجعل نفس هذه الحيثية موضوعة للحكم من غير احتياج إلى لحاظ السريان ، فتمام الموضوع للحكم هو نفس حيثية الماهية لا الماهية المقيدة بكونها تمام الموضوع أو بالسريان ، ولكن تماميته ملحوظة باللحاظ السابق على جعلها موضوعة للحكم ، إذ يجب على الحاكم أن يلحظ أن تمام المحصل للغرض هو نفس هذه الحيثية أو هي بضميمة حيثية اخرى. والظاهر أن مراد هذا المحقق من لزوم اعتبار الماهية في مقام الموضوعية بنحو اللابشرط القسمي ، هو ما ذكرناه من لزوم اعتبار التمامية في مرحلة تصور الموضوع وملاحظة جهاته لا في مرحلة جعل الحكم عليه ، كما أن الظاهر أن مراد الأستاذ ـ مد ظلّه العالي ـ من عدم تعدي اللحاظ في المطلقات عن نفس الماهية هو عدم التعدي في مرتبة الموضوعية وجعل الحكم عليه ، لا في المرحلة السابقة عليها.
__________________
(١) نهاية الدراية ، ج ٢ ، ص ٤٩٣.
(٢) نفس المصدر ، ص ٤٥٦.