استحقاق العقوبة على مخالفته ، والترخيص فيه يرى ترخيصا في المعصية ومناقضة صريحة لما علم.
وأمّا إذا علمنا إجمالا بأنّ أحد الإناءين خمر مثلا فإطلاق قوله : «لا تشرب الخمر» وإن كان يشمله لكنه ليس علما بالتكليف الفعلي بل علما إجماليا بوجود الحجة أعني إطلاق الدليل بالنسبة إلى هذا أو ذاك ، فلا يرى العقل مانعا من ترخيص الشارع في ارتكاب الطرفين أو أحدهما وبه ينكشف عدم إرادة إطلاق وتقييد قوله : «لا تشرب الخمر» بما علم خمريته بالتفصيل أو بما لم يرد الترخيص فيه من الطرفين.
وبعبارة أوضح : العلم الذي هو صفة خاصّة نفسانية ويرادف القطع واليقين والجزم إذا فرض تعلّقه بالتكليف الفعلي والإرادة الحتمية من المولى فلا مجال للقول بعدم تنجيزه والترخيص في مخالفته ، تفصيليا كان أو إجماليا ، محصورة كانت الشبهة أو غير محصورة.
وجهل العبد ببعض خصوصيات المنكشف لا يضرّ مع فرض تحقق ماهية العلم أعني انكشاف الواقع عنده انكشافا تامّا بنحو المائة في المائة بحيث لا يدخله في ذلك شكّ وريب ، فيحرم مخالفة التكليف الواقعي المنكشف ويجب موافقته عقلا ولا يحصل هذا إلّا بإتيان الطرفين من باب المقدمة العلمية.
والترخيص في أحد الطرفين وجعل الطرف الآخر بدلا عن الواقع ينافي ما هو المفروض من الجزم بكون المعلوم في البين بواقعه وذاته مرادا حتميّا للمولى بحيث لا يرضى بتركه سواء كان في هذا الطرف أو ذاك.
بل في الشبهة البدوية أيضا مع فرض فعلية التكليف بواقعه على فرض تحققه يجب الاحتياط أيضا كما في الأمور المهمة كالدماء والفروج فكيف مع العلم به إجمالا.
والظاهر أنّ القوم خلطوا بين العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي وبين العلم بالحجة الإجمالية فعنونوا العلم الإجمالي بالتكليف ولكنهم في مقام التمثيل لذلك