سألتني عن طعام يعجبني. ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ، ابتع لنا جبنا ، ودعا بالغداء فتغدّينا معه وأتى بالجبن فأكل وأكلنا معه ، فلمّا فرغنا من الغداء قلت له : ما تقول في الجبن؟ فقال لي : أو لم ترني أكلته؟ قلت : بلى ولكني أحبّ أن أسمعه منك. فقال : «سأخبرك عن الجبن وغيره : كلّ ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه.» (١)
ورواه عنه في الوسائل ، إلّا أنّ فيه بدل عن ابن محبوب : عن أبي أيّوب. (٢)
ودلالته كدلالة الصحيحة. والظاهر أن علّة ترديد الراوي في حلّيّة الجبن احتمال وجود الميتة في بعضها أو علمه به إجمالا ، كما يظهر من سائر الأخبار الواردة في الباب ، فراجع. وإطلاق الجواب يشمل الشبهة البدوية وأطراف العلم الإجمالي.
وعبد الله بن سليمان مجهول مردّد بين عدّة (٣) ، والراوي عنه عبد الله بن سنان ، فيحتمل كون الصحيحة قطعة من هذا الخبر وأنّه سقط من سندها عبد الله بن سليمان. ولا يدفع هذا الاحتمال إختلاف الإمام المروي عنه فيهما ، لاحتمال الاشتباه وكون المروي عنه في كليهما أبا عبد الله عليهالسلام ، كما ربما يقرب ذلك خبر آخر لعبد الله بن سنان ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام عن الجبن ، فقال : إنّ أكله ليعجبني. ثم دعا به فأكله (٤). هذا ولكن المروي عنه في المرسلة الآتية أيضا أبو جعفر عليهالسلام ، فتأمّل.
وكيف كان فلعلّ حلّيّة الجبن في أطراف العلم الإجمالي مستنده إلى كون الشبهة غير محصورة أو خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء.
وهنا إشكال ، وهو أنّ المفتى به لأصحابنا تبعا للأخبار المستفيضة طهارة أنفحة الميتة خلافا لأكثر فقهاء السنة كمالك والشافعي وأحمد ، حيث أفتوا بنجاستها ، فراجع الوسائل (٥) والمغني لابن قدامة (٦). ولكن لا يضرّ هذا لحجية الكبرى الكلية المذكورة في الذيل وإن كان
__________________
(١) الكافي ، ج ٦ ، ص ٣٣٩ ، كتاب الأطعمة ، باب الجبن ، الحديث ١.
(٢) الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٩٠ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ١.
(٣) تنقيح المقال ، ج ٢ ، ص ١٨٥.
(٤) الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٩١ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٣.
(٥) الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٦٤ (ـ ط. اخرى ، ج ١٦ ، ص ٤٤٤) وما بعدها ، الباب ٣٣ من أبواب الأطعمة المحرمة.
(٦) المغني ، ج ١ ، ص ٦١ ، باب الآنية.