نعم لو كان المانع من جواز البيع هو مجرّد عدم جواز الانتفاع دون عنوان الميتة النجسة أمكن أن يقال بارتفاع المانع بجواز التصرّف الثابت ولو بأصالة الحلّ ...» (١)
وقد تعرّض لنحو هذه المناقشة المحقّق المامقاني أيضا في حاشيته إلّا أنّه ذكر بدل أصالة الحلّ أصالة الطهارة وقال :
«إنّ أصالة الطهارة لا تفيد كونه ملكا ، ضرورة أنّه لا ملازمة بين الطهارة وبين كونه ملكا ...»
فراجع كلامه. (٢)
وأجاب الأستاذ الإمام في المقام عن مناقشة المحقق الشيرازي بما محصّله :
«أنّ مفاد أصالة الحلّ ليس حلّيّة الأكل فقط بل مقتضى إطلاق أدلّتها جواز ترتيب آثار الحلّيّة ، ومن آثارها جواز البيع وصحّته. فإنّ قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الله بن سنان : «كلّ شيء يكون فيه حلال وحرام فهو حلال لك أبدا حتى أن تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» لا قصور فيه لإثبات جميع آثار الحلّيّة الواقعية عليه ، لأنّ الحلّيّة فيه لمّا لم تكن واقعيّة تحمل على الظاهرية بلحاظ ترتيب الآثار بلسان جعل الموضوع. وإطلاقه يقتضي ترتيب جميع الآثار. بل الظاهر أنّ مفاد أصالة الحلّ أعمّ من التكليفية والوضعية ، فإذا شكّ في نفوذ بيع المشكوك فيه حكم بنفوذه بأصالة الحلّ الوضعي.
بل يمكن أن يقال : إنّ جواز الأكل وسائر الانتفاعات كاشف عن ملكيته لدى الشارع ولو ظاهرا ، كما أنّ النهي عن جميع التصرفات كاشف عن سقوطها لديه. أو يقال : إنّ ملكية الميتة وماليّتها عقلائية لا بدّ في نفيهما من ردع الشارع. ولا دليل على الردع في مورد المشتبه مع تجويز الشارع الانتفاع به فيصحّ بيعه بإطلاق أدلّة تنفيذه.
فتحصّل مما ذكرناه أنّ الحكم بصحة البيع لا يتوقف على إحراز كونه مذكى
__________________
(١) حاشية المكاسب للشيرازي ، ص ١٠.
(٢) حاشية المكاسب للمامقاني ، ص ٢٢.