أنّ الحلّ والحرمة لا تختصّان بالتكليفية ، واستعمالهما في خصوص التكليف وتبادره منهما إنّما حدث في ألسنة الفقهاء والمتشرّعة. وأمّا في الكتاب والسنة فكانا يستعملان في المفهوم الجامع للتكليف والوضع. فكان يراد بحلّيّة الشيء إطلاقه وعدم المنع بالنسبة إليه من ناحية الشرع ، وبحرمة الشيء المنع والمحدودية من ناحيته. وإطلاق كلّ شيء ومحدوديته يلاحظان بحسب ما يترقب من هذا الشيء.
واستعمال اللفظين وإرادة الوضع أيضا كان شائعا في لسان الشرع المبين ، ومنه قوله ـ تعالى ـ (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا.)(١)
وفي صحيحة محمد بن عبد الجبّار : «لا تحلّ الصلاة في حرير محض.» (٢) إلى غير ذلك من الروايات.
وإذا استعمل اللفظان ولم تكن قرينة على إرادة خصوص التكليف أو الوضع فالظاهر منهما إرادة المطلق كما في الصحيحة والموثقة المتقدمتين. ولذا قوّينا جواز الاستدلال بهما على صحة الصلاة في اللباس المشكوك فيه.
وقد مرّ عن الأستاذ آية الله البروجردي حكاية ذلك عن المحقق القمي ـ طاب ثراهما ـ وعلى هذا ففي المقام إذا فرض إجراء أصالة الحلّ في أحد طرفي العلم الإجمالي تخييرا كان مقتضاه حليته تكليفا ووضعا بالصلاة فيه وصحة المعاملة عليه ونحو ذلك ، فتدبّر. (٣)
__________________
(١) سورة البقرة (٢) ، الآية ٢٧٥.
(٢) الوسائل ، ج ٣ ، ص ٢٦٧ ، الباب ١١ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٢.
(٣) المكاسب المحرمة ، ج ١ ، ص ٣٧٨ إلى ٣٩٩.