الذهب الردي غير الخالص ، وإطلاق الحنطة على الحنطة غير النقية عن الاجزاء الأرضيّة وشبهها المستهلكة فيها ، وكذا إطلاق التراب في التيمم على المشتمل على مثل الشعرة وبعض أجزاء الحشيش الذي قلما ينفك أكثر الأراضي عنه. وهذا النحو من المسامحة موجب لاندراج الموضوعات تحت مسمياتها عرفا فيكون إطلاق العرف أساميها عليها إطلاقا حقيقيا فيترتب عليها أحكامها. وتوهم الفرق بين التراب والحنطة ونحوها بدعوى غلبة إختلاف الحنطة ونحوها بغير الجنس فلا يتبادر من الإطلاقات الّا الأفراد المتعارفة بخلاف التراب مدفوع أولا بأن إختلاف التراب بغير جنسه أغلب ، وثانيا ان المدار على إطلاق الاسم وعدم انصرافه عنه لا كونه فردا غالبيا». (١)
أقول : الحق أن الخليط إن كان مستهلكا بحيث يراه العرف معدوما كالمواد المعدنية المستهلكة في الماء او التراب فلا حكم له لما عرفت من أخذ الموضوع من العرف لا من العقل.
وأما في غير هذه الصورة فإن غلب الخلط بحيث تنصرف الإطلاقات الشرعية إلى ما له خلط لكونه الفرد الموجود المتعارف بين الناس كمثال الذهب مثلا فان قوله : «في عشرين دينارا نصف دينار» ينصرف إلى الدنانير الرائجة بين الناس وهي لا تخلو من خليط حيث إن الذهب الخالص لا ينطبع ما لم يدخله شيء من النحاس ، ففي هذه الصورة أيضا يكون موضوع الحكم هذه الأفراد المتعارفة ، وقد أشار إليه في المصباح بلفظ التوهم مع انه أمر متين إذ الانصراف كالقرينة المتصلة المبينة لموضوع الحكم ، ولعل من هذا القبيل أيضا مثال الحنطة في الزكاة فان الحنطة التي توجد في أيدي الناس وتقع موردا لمعاملاتهم هي الحنطة التي يوجد فيها خليط يسير من المدر والتين ونحوهما وليس الخليط مستهلكا بحيث لا يراه العرف ولذا يغربلون الحنطة ويخلّصونها إذا أرادوا طحنها لأنفسهم ولكن الموضوع لمعاملاتهم ومعاشراتهم ما له خليط ، فالمأمور دفعها في الزكاة هو ما في أيديهم وعليها معاملاتهم. لا أقول بكفاية صرف الغلبة بل يجب أن تكون غلبة الخلط بنحو يكون ذو الخلط فردا متعارفا وإليه ينصرف إطلاق كلام الشارع.
__________________
(١) مصباح الفقيه ، ج ١ ، ص ٤٧٤ وج ٣ ، ص ٥١.